اسم "الخمر"[يقع] حقيقة عندنا على عصير العنب النيء إذا صار مسكرا؛ لحدوث الشدة المطربة فيه، ولا يشترط فيه أن يقذف بزبده، خلافا لأبي حنيفة - رحمه الله- فإنه شرط في صدق التسمية أن يقذف بالزبد؛ كما قال الماوردي، وحينئذ: فإذا قذف بالزبد صار هذا الاسم حقيقة عليه بالاتفاق، وعلى ذلك جرى أبو الطيب والبندنيجي وابن الصباغ.
وادعى القاضي الحسين أن عصر الرطب النيء إذا اشتد وعلا وقذف بالزبد، فهو خمر حقيقة بالاتفاق؛ كعصير العنب النيء إذا صار كذلك، وعليه جرى البغوي وغيره، وعن الروياني أنه [أورده واستغربه].
ولم سمي [ذلك] خمرا؟ فيه تأويلان:
أحدهما: لكونه يخمر في الإناء حتى يصير خمرا، أي: يغطى، ولو لم يغطى لم يصر خمرا، والتخمير التغطية، ومنه سمي خمار المرأة؛ لأنه يغطيها ويسترها.
وهل يقع هذا الاسم حقيقة على ما عدا ذلك من الأنبذة؟ فيه وجهان:
اختيار المزني وأبي علي بن أبي هريرة كما قال الماوردي، وأكثر الأصحاب كما قاله أبو الطيب وابن الصباغ: نعم؛ لأن الاشتراك [في الصفة] يقتضي الاشتراك في الاسم، ولأن ابن عمر -رضي الله عنه- قال: [خطب عمر -رضي الله عنه- على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:"أما بعد، ألا وإن الخمر] نزل تحريمها يوم نزل وهي من خمسة أشياء: من الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، والعسل، والخمر: ما خامر العقل". كذا أخرجه مسلم.