العمل؟ فيه الخلاف الآتي في [حد] السرقة، ولو تاب بعد الظفر لم تنفعه التوبة عند العراقيين.
وحكي القاضي الحسين، وتبعه الإمام والبغوي: أن في سقوط ما يختص بقطع الطريق وما لا يختص [به] قولين، وهذا الطريق محكي عن الفوراني والصيدلاني – أيضا – وقد يقال: لا مخالفة بين الطريقين؛ لأن القائل بسقوط حد الحرابة بالتوبة بعد الظفر، جعله كسقوط حد السرقة والزنى؛ فيعتبر فيه إصلاح العمل، بخلاف ما قبل الظفر كما تقدم، وإلى هذا أشار القاضي.
لكن الماوردي وغيره جزموا القول بأن التوبة في حد السرقة والزنى ونحوهما بعد الظفر لا تسقط الحد [كما] في المحاربة، وأن محل الخلاف في إسقاطها الحد إذا كانت قبل الظفر كما سنذكره، وهذا [يمنع الجمع]، وسيكون لنا عودة لذلك، إن شاء الله تعالى.
ثم إذا قلنا بما حكاه العراقيون، فلو ادعى المحارب بعد القدرة عليه أنه تاب قبل القدرة، قال الماوردي في "الأحكام السلطانية": إن لم تقترن بالدعوى أمارات تدل على التوبه؛ لم تقبل دعواه في سقوط حد قد وجب، وإن اقترن بها أمارات تد على التوبة، ففي القبول بغير بينة وجهان محتملان:
أحدهما: تقبل؛ لكون ذلك شبهة [يسقط بها الحد.
والثاني: لا تقبل إلا ببينة عادلة تشهد] بالتوبة قبل القدرة؛ لأنه حد قد وجب، والشبهة: ما اقترنت بالفعل، لا ما تأخرت عنه.
وقد نجز شرح مسائل الباب، وقد ضمنه الأصحاب مسائل ذكر الشيخ بعضها في الباب الذي يليه، فلنقتد به [في ذلك] ونذكرها فيه، إن شاء الله تعالى.