[قال]: إذا جلس بين يدي القاضي خصمان، فله أن يقول لهما: تكلما؛ لأنهما ربما هاباه في الابتداء بالكلام، وهذا نصه، ومعناه: ليتكلم المدعي منكما، وإلا فكلامهما معاً ممنوع منه.
قال في الحاوي: وإذا كان سكوتهما للتأهب للكلام، أو لهيبة حصرتهما عن الكلام، أمسك عنهما حتى يتحرر للمتكلم ما يذكرهُ، وتسكن نفوسهما، والأولى أن يكون القائل لهما:"تكلما" القائم على رأس القاضي، أو بين يديه.
وله أن يسكت حتى يبتدئا؛ لأنهما حضرا للكلام، كذا نص عليه أيضاً، ولا يقول لأحدهما: تكلم؛ لأنه إذا أفرده بالخطاب كسر قلب الآخر. كذا ذكره القاضي أبو الطيب وابن الصباغ وغيرهما، وحكى الرافعي وابن شداد: أنه إذا علم المدعي منهما فله أن يقول له: تكلم.
قال الماوردي: والأولى في آداب الخصمين إذا جلسا للتحاكم أن يستأذنا القاضي في الكلام.
وما ذكره الشيخ متبعاً فيه للنص من السكوت عنهما إلى أن يتكلما، محمول على ما إذا توقع منهما ما ذكرناه، أما إذا كان لغير سبب لم يتركهما على تطاول الإمساك، بل يقول لهما: ما خطبكما؟
وفي "أدب القضاء" لابن أبي الدم أنه قيل: يسكت ولا يقول شيئاً، فإن ادعى واحد منهما، وإلا أقيما من مكانهما.
قال: فإن ادعى كل واحد منهما على الآخر حقّاً قدم السابق منهما بالدعوى؛ لسبقه، ويمنع الآخر من الكلام؛ لأن ذلك يفسد نظام الدعوى، ويمنع كل [واحد][منهما] من أن ينال عرضه أو يحيف عليه، والقاضي جلس للعدل.
قال: فإذا انقضت خصومته سمع دعوى الآخر، [أي:] إذا لم يعارضها سبق غيره كما ذكرنا من قبل؛ لأنه حينئذ لا مانع منها. ولو لم يسبق أحدهما، بل