للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم

[باب كفارة اليمين]

سميت الكفارة: كفارة؛ لأنها تكفر الذنب، أي تستره، ومنه قيل للأكار: كافر؛ لأنه يكفر البذر، أي: يغطيه، وسمى الكافر: كافراً؛ لأنه يغطي نعم الله تعالى.

وما الذنب الذي تكفره؟

قال في "الحاوي": إن كان عقد اليمين طاعة وحلها معصية، كقوله: والله لا أشرب الخمر، فإذا حنث وشرب الخمر- كانت الكفارة تكفر مأثم الحنث.

وإن كان عقدها معصية وحلها طاعة: كقوله: والله لا صليت- فإذا صلى كانت الكفارة لتكفير مأثم اليمين بعد الحنث. وإن كان عقدها مباحاً وحلها مباحاً، كقوله: والله لا لبست هذا الثوب- فالكفارة تتعلق بهما، وهي بالحنث أحق؛ [لاستقرار وجوبها به].

قال- رحمه الله:- إذا حلف وحنث، لزمته الكفارة؛ لقوله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ} إلى قوله تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: ٨٩] أي: وحنثتم؛ كما جاء في قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] أي: فأفطرتم.

وسبب وجوبها عند الأكثرين: اليمين والحنث جميعاً.

وحكى الروياني والطبري وجهاً أن سبب وجوبها: اليمين، إلا أنها لا تجب إلا بالحنث؛ كما يوجب ملك النصاب الزكاة، عند حولان الحول، وكأن من قال به جعل الحنث شرطاً، واحتج له بأن الكفارة منسوبة إلى اليمين، وهذا ما حكاه الغزالي.

وقال في "الحاوي": إن الظاهر من مذهب الشافعي: أنها تجب بالحنث وحده.

<<  <  ج: ص:  >  >>