هذا الباب ترجمه صاحب "التلخيص" وغيره بكتاب "الجهاد"، وبعضهم بكتاب "السير"؛ لأن الأحكام المودَعة فيه متلقاة من سِيَرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أكثرها.
والسيرة: الطريقة، وهي مِنْ: سار يسير، و"الفِعْلة": للهيئة، كالجِلسة والقِعدة.
وقد ذكر الشافعي - رضي الله عنه- وأصحابه -رحمهم الله -[في صدر هذا الكتاب] مقدمة [لا غَنَاء عن] ذكرها، وهي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بُعث أُمِرَ بالتبليغ والإنذار بقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ} إلى قوله: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}[المدثر: ٥]، وكان ذلك في يوم الاثنين من شهر رمضان، وكان ابن أربعين سنة في قول الأكثرين، وفي قول الآخرين: ابن ثلاث وأربعين [سنة]، فبلغ ذلك زوجته خديجة، فآمنت به. ثم اختلف العلماء في أول من آمن به بعدها، فقيل: عليٌّ - كرم الله وجهه - وكان - إذ ذاك - ابنَ تسعٍ، وقيل:[بل] ابن عشرٍ، وقيل: أبو بكر - رضي الله عنه، وقيل: زيد بن حارثة.
ثم نزل جبريل -عليه السلام-[يوم الثلاثاء] بأعلى مكة، فهم بِعَقِبِهِ [في ناحية] الوادي؛ فانفجرت فيه عين، فتوضأ جبريل - عليه السلام- ليُريَه كيف الطهور، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم [منها، ثم قام جبريل يصلي، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم] بصلاته؛ فكانت هذه أول عبادة فُرضت عليه كما قاله الماوردي.
ثم جاء إلى خديجة فتوضأ لها حتى توضأت، وصلى بها كما صلى به جبريل