الهدنة: مصالحة أهل الحرب على ترك القتال مدة معلومة، بعوض [أو غيره]، سواء فيهم من يقر على دينه ومن لا يقر، كما قاله الماوردي في كتاب السرقة.
وهي مشتقة من "الهدون" وهو السكون؛ فإنه إذا صالحهم سكنت ثائرة الفتنة وهدأت، وهذا العقد يسمى: مهادنة، [ومعاهدة]، ومسالمة، وموادعة.
قال الشافعي - رضي الله عنه -: "ولم أعلم مخالفا من أهل العلم بالسير أن رسول الله ? لما نزل المدينة وادع يهود كافة على غير جزية"، وأراد: هادن.
والأصل فيه [قبل] الإجماع قوله تعالى: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: ١، ٢] أي: كونوا آمنين فيها أربعة أشهر، وقوله تعالى:{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا}[الأنفال: ٦١]، وكذلك فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزل المدينة من يهود، وهم نفر من بني قريظة وبني النضير وبني المصطلق حين وافي ضعفا في [أول] الإسلام، وهو أول عهوده، وهادن قريشا [عام الحديبية] على وضع القتال عشر سنين حين لم يقو الإسلام بعد، وكان ذلك في سنة ست من الهجرة كما تقدم، والعاقد له سهيل ابن عمرو، وفيه نزل قوله تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[التوبة: ٧]، وكان هذا الصلح عظيم البركة، أسلم بعده أكثر ممن أسلم