[باب الفوات والإحصار]
هذا الباب مترجم [بباب] الفوات والإحصار، والمراد بالفوات هاهنا فوات الحج، لأمرين:
أحدهما: قوله من بعد: "ومن فاته الوقوف بعرفة".
والثاني: أن العمرة إذا كانت مفردة لا يتطرق إليها فوات؛ لأن وقتها غير محصور.
نعم: إذا أحرم بها وبالحج قارناً، فقد تفوت تبعاً لفوات الحج، كما سنذكره.
والمراد بالإحصار: الإحصار عما بقي على المحرم من أركان ما أحرم به من وقوف، أو طواف، أو سعي، أو جميع ذلك.
قال البندنيجي: ويقال في اللغة: أحصره المرض، بلا خلاف بينهم.
وأما العدو فمنهم من قال: "حصره العدو" لا غير.
وعلى ذلك ينطبق قول الأزهري: قال أهل اللغة [إنه] يقلا لمن منعه خوف أو مضر من التصرف: أحصره؛ فهو محصر، ولمن حبس حصر وهو محصور.
وقد حكى الجوهري وابن السكيت ذلك أيضاً، وحكاه الواحدي عن نقل الزجاج عن أهل اللغة.
وعن الفراء أنه يقال أحصره العدو، وحصره، لغتان؛ كذا حكاه البندنيجي.
وحكاية الأزهري عنه أنه قال: يجوز [أحصره، وحصره]، في النوعين.
وعن الواحدي: أنه حكي عن الزجاج: أنه قال في موضع آخر: ويغلب: أحصر، وحصر؛ لغتان.
قال الأزهري: والأول كلام العرب، والله أعلم.
قال: ومن فاته الوقوف بعرفة أي: بعذر، أو بغير عذر حتى طلع عليه الفجر من يوم النحر، فقد فاته الحج، لما روى ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أدرك عرفة ليلاً، فقد أدرك الحج، ومن فاته عرفة ليلاً، فقد فاته الحج، فليهل بالعمرة، وعليه الحج من قابل".