للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب القرض]

القرض: بفتح القاف وكسرها في اللغة: القطع؛ ومنه قولهم للثوب المقطوع: مقروض، وأطلق على المعنى المراد في هذا الباب؛ لأن المقرض يقطع قطعة من ماله، يدفعها إلى المقترض؛ ولهذا المعنى سمي المقارض مقارضاً، ويقال: أقرضه يقرضه، واستقرضت منه طلبت منه القرض، واقترضت منه أخذت منه القرض، وقد ذكرنا أنه يطلق على القرض: سلف. وهي لغة أهل الحجاز.

والقرض لغة أهل العراق.

والأصل في مشروعيته: ما سوى مسلم، عن أبي رافع، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكراً، فوردت عليه إبل من الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره، فرجع إليه أبو رافع فقال: لم أجد فيها إلا خياراً رباعيًّا؛ فقال: "أعطه إياه، إن خيار الناس أحسنهم قضاء".

وروى البزار عن ابن عباس، قال: "اسْتَسْلَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ أَرْبَعِينَ صَاعاً وَأَعْطَاهُ أَرْبَعِينَ فَضْلاً، وَأَرْبَعِينَ بِسَلَفِهِ، فَأَعْطَاهُ ثَمَانِينَ".

وروى إبراهيم بن عبد الله بن ربيعة عن أبيه، عن جده قال: استقرض مني رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين ألفاً، ثم أتى بمال فقال: ادعوا لي ابن أبي ربيعة، فقال: "هَذَا مَالُكَ، فَبَارَكَ اللهُ لَكَ فِي مَالِكَ وَوَلَدِكَ إِنَّمَا السَّلَفِ الْحَمْدُ وَالْوَفَاءُ" [وأخرجه النسائي بغير هذا اللفظ].

وروى أنه - عليه السلام - اقترض من رجل صاعاً، ورد عليه صاعين.

قال: القرض مندوب إليه؛ لما روى مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ كَشَفَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَة،

<<  <  ج: ص:  >  >>