مسائل الجد [والإخوة] كَثرُ الاختلاف فيها بين الصحابة -[رضوان الله عليهم]- وكانوا يحذرون الكلام فيها. وروى سعيد بن المسيب [في ذلك] حديثاً؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَجْرَؤُكُمْ عَلَى قَسْمِ الْجَدِّ أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ" وقال علي - كرم الله وجهه -:"مَن سَرَّهُ أن يقتحم جَرَاثيم جَهَنَّمَ فليقضِ بين الجَدِّ والإخوة".
وقال عبد الله بن مسعود:"سَلُونا عن عَصَباتِكم، ودَعُونا من الجد، لا حَيَّاهُ ولا بَيَّاهُ". وبالجملة فلابد من الكلام في أمره.
قال: إذا اجتمع الجد -[أي]: من قِبَل الأب وإن علا - مع الإخوة [من الأب] والأم، أو الإخوة للأب - جعل كواحد منهم؛ يقاسمهم ويعصب إناثهم مالم ينقص حقه [بالمقاسمة] عن الثلث؛ لأن الجد لا يسقط بالإخوة بإجماع الصحابة، كما سنذكره؛ [لأنهم] لا يسقطون بالابن، فبالأخ أولى، بل بعضهم ذهب إلى أنه يسقط الإخوة كالأب، ومنهم أبو بكر - رضي الله عنه - وقد استدل لذلك بأدلة، منها: أنه يسمى أباً؛ قال الله - تعالى-: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ}[الحج: ٧٨]، فسماه أباً، وإذا كان أباً لم يرث الإخوة مع وجوده؛ لقوله تعالى:{وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ}[النساء: ١١]، فَوَرث الأبوين مع الإخوة، وجعل للأم السدس، والباقي للأب.
ومنها: أنه إما أن يكون كالأخ من الأب أو من الأب والأم، أو فوقهما، أو دونهما، فلو جعل كالأخ من الأب، لوجب أن يسقط بالأخ من [الأب