من صح منه الطلاق- أي: بطريق الاستقلال- صح منه أن يعلق الطلاق- أي: الذي يملكه- على شرط، ومن لم يصح منه الطلاق، لم يصح أن يعلق الطلاق على شرط، وإذا علق الطلاق على شرط، وقع عند وجود الشرط- أي: واستمرار الزوجية- ولا يقع قبل وجوده وإن كان الشرط متحقق الوجود، واستأنس الأصحاب في ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم:"الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ"، وقاسوه على العتق؛ فإن الشرع ورد بالتدبير، وهو تعليق العتق بالموت، والطلاق والعتاق متقاربان في كثير من الأحكام.
قالوا: والمعنى فيه أن المرأة قد تخالف زوجها في بعض مقاصده؛ فتفعل ما يكرهه، وتمتنع عما يرغب، ويكره الرجل طلاقها من حيث إنه أبغض المباحات، ومن حيث إنه يرجو موافقتها؛ فيحصل غرضه؛ فيحتاج إلى تعليق [الطلاق بفعل ما يكرهه، وترك ما يريده، فإما أن تمتنع، وتفعل فيحصل] غرضه أو تخالف؛ فتكون هي المختارة للطلاق، هكذا قاله الرافعي، وفيما قاله مباحثات:
أحدها: أن ما ذكره من المعنى يقتضي جواز التعليق عند وجوده، أما عند عدمه فلا، ولا قائل بالفرق.
الثاني: أن كونه يكره طلاقها من حيث إنه أبغض المباحات فيه نظر؛ لأن الطلاق في مثل هذه الصورة ليس بمكروه على ما بيناه من قبل، بل قد يكون ما تفعله وتتركه من حقوق الله تعالى؛ فيكون طلاقها في هذه الصورة مستحباً، اللهم إلا أن يريد بذلك الجنس.
الثالث: أن قوله: إذا خالفت تكون هي المختارة للطلاق مبني على ما ذكره أولاً من كونه [مكروهاً]، وقد تقدم الكلام عليه.
وعلى تقدير أن يكون مكروهاً، فهو الذي سلطها عليه، فإذا فعلته قد ينسب إليه