وقال -عليه السلام-: "سووا صفوفكم؛ فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة" أخرجه البخاري ومسلم.
وقد كان لعمر قوم موكلون بتسوية الصفوف، فإذا رجعوا إليه كبر.
وهذا والذي قبله من السنن المختصة ببعض المصلين: أما الأولى؛ فلأنها تختص بمن يصلي في جماعة، ولم يكن مؤذنا، وأما الثانية؛ فلأنها تختص بالإمام، ولما كانا كذلك لم يذكرها الشيخ في الباب بعده؛ لأنه مرسوم لبيان ما يشترك فيه كل مصل، وإنما قلنا: إنه سنة؛ لأنه هيئة في سنة؛ فلا يزيد عليه.
وقد ذهب بعض أصحابنا كما قال الروياني في "تلخيصه"- إلى أنه يسوي الصفوف في آخر الإقامة، فإذا فرغ المؤن منها كبر، وهو خلاف النص.
قال: ثم ينوي المصلي الصلاة بعينها إن كانت الصلاة مكتوبة أو سنة راتبة، فإن كانت نافلة غير راتبة أجزأته نية الصلاة.
هذا الفصل يشتمل على شيئين:
أحدهما: إتيان المصلي بالنية، والأصل فيه قبل الإجماع من الكتاب قوله تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}[البينة: ٥]، قال الماوردي: والإخلاص في كلامهم هو النية.
ومن السنة قوله-عليه السلام-: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما [لكل امرئ] ما نوى"، أخرجه مسلم.
ومن جهة المعنى: أن الصلاة قربة محضة، فلم تصح من غير نية؛ كالصوم، والنية قد تقدم شرحها في [باب] صفة الوضوء، وشرطها: العلم بالمنوي؛ إذ لا يصح قصد الشيء ما لم يعرف، فلو نوى الشخص الصلاة، ولم يعرفما يفعل فيها، لم تصح.