للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنهم من قال: بل إنما حرم ذلك؛ لما فيه من الخيلاء والتزيي بزي الأعاجم.

وقال الإمام: الذي أراه أن معنى الخيلاء لا بد من اعتباره؛ فإنه مما يبتدر إلى

الفهم، وإذا أمكن اعتبار المعنى فحسمه مع القول بالمعاني بعد.

وقد حكى الرافعي ذلك عن العراقيين أيضا، وأثر الخلاف يظهر في مسائل:

منها: لو اتخذ آنية من ذهب أو فضة ورصصها من الظاهر، فعلى المعنى الأول

يحرم استعماله وعلى الثاني: لا؛ إذ لا خيلاء في ذلك.

ولو رصصها من الظاهر والباطن، قال الإمام: فالذي أراه القطع بجواز الاستعمال؛

فإن الإناء من الرصاص وقد أدرج فيه ذهب مستور فيه.

قال الرافعي: والذي يجيء على رأى من جعل مناط التحريم العين: التحريم أيضا.

وفي "الروضة" حكاية طريقين في المسألة:

إحداهما: تخريجه على الوجهين: أصحهما عنده الإباحة.

والثانية: القطع بها.

قلت: والأظهر التفصيل: فإن كان للرصاص المعمول على ذلك جرم يمكن أن

ينفصل فلا يحرم، وإلى هذه الحالة يرشد قول الإمام:" إن الإناء من رصاص، وقد

أدرج فيه ذهب" وإن كان لا يتحصل من الرصاص الموضوع عليه شيء جرى

الوجهان.

ومنها لو اتخذ آنية من رصاص ونحوه، وغشاها بالذهب أو الفضة، بحيث لا

يجتمع منه شيء لو عرض على النار -فعلى المعنى الأول: لا يحرم، وعلى الثاني:

يحرم؛ لأن الخيلاء موجود فيه، فإن المراد بالخيلاء إظهار أن ذلك آنية ذهب وفضة،

وذلك ينكسر به قلوب الفقراء.

ومن قال: إن معنى الخيلاء ملاحظ بلا شك، يعلل وجه الإباحة -هنا -بأنه لا

يكاد يخفي المموه بغيره فينتقي معنى الخيلاء من ذلك، ولو كان يجتمع من ذلك

شيء بالنار، حرم وجها واحدا.

وكلام الشيخ يقتضي في الصورة الأولى الجزم بالتحريم، وفي الثانية بمقابله، وإن

كان في باب ما يكره لبسه, ألحق المموه بالذهب, بالذهب؛ وهذا كله تفريع على

<<  <  ج: ص:  >  >>