وأما شبهها بالشروط، فمن حيث إنه يشترط دوامها إلى آخر الصلاة حتى لو حصل تردد فيها في ركن من الصلاة، لم يعتد به؛ كما ستعرفه في باب: ما يفسد الصلاة؛ فهي كالطهارة من الحدث ونحوها.
ومن حيث إنه يشترط على الصحيح عندهم تقدمها على تكبيرة الإحرام؛ كما أنه لابد من تقدم الطهارة ونحوها على التكبير، وهذا كلام الإمام الذي أسلفناه ينازع فيه، وكلام غيره من طريق الأولى؛ [لأن الأكثرين] قالوا مع التقديم: يجب [استصحابها ذكراً] إلى آخر التكبير، وذلك يكون بتوالي الأمثال، وحينئذ فالمعتد به إنما هو ما قارن التكبير لا ما قبله، وبه صرح الروياني في تلخيصه.
فإن قلت: قد عد الغزالي النية في الصوم ركناً، وهو مخالف لما ذكره هنا.
قلت: يمكن أن يقال [في] الرق بينهما: إن النية في الصلاة صفة لأفعال؛ فكانت كالطهارة ونحوها، والصوم لا فعل فيه؛ بل هو ترك، والترك ليس بفعل؛ كما أن النية ليست بفعل؛ فلا يحسن أن تكون وصفاً له؛ ولذلك لم يعتبرها في باقي التروك، ولولا الخبر لما اعتبرناها في الصوم، وإذا كان كذلك، تعين أن تكون فيه ركناً؛ لاستواء الإمساك والنية في عدم الفعلية، خصوصاً إذا قلنا: إن نية الخروج من الصوم لا تؤثر في إبطاله؛ فإنها-حينئذ-تصير كالركوع والسجود في الصالة، إذا وجد حصل مقصوده، ولا يشترط دوامه، وهذا بخلاف الصلاة؛ فإن قطع النية مؤثر في إبطالها بلا خلاف؛ فشابهت الطهارة ونحوها من الشروط، والله أعلم.
قال: والقيام؛ أي: وما يقوم مقامه، وهو القعود في حق العاجز، وصلاة النفل ونحوه؛ لقوله تعالى:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}[البقرة:٢٣٨]، وقوله-عليه السلام- لعمران بن الحصين: "صلّ قائماً؛ فإن لم تستطع فقاعداً؛ فإن لم تستطع،