والثاني: على تقدير أن يكون ذلك من كلام الرسول؛ كما حكاه الخطابي عن بعض العلماء، وأن فيه دلالة-[إن صح]- على أن الصلاة على الرسول لا تجب في التشهد- أن نحمل قوله:"فقد قضيت صلاتك" على: أنك قاربت قضاءها، أو: قضيت عظمها؛ لنجمع بذلك بين هذا وبين ما ذكرناه من الخبر.
وأما الحديث الثالث: فهو غير صحيح، وإن صح، حملناه على ما بعد التسليمة الأولى، وقبل الثانية.
والفرق بين الأولى والثانية: أنه لما لم يجب ما قام مقام الثانية، لم تجب، وليس كذلك الأولى.
قال: ونية الخروج من الصلاة؛ لأنه نطق وجب في أحد طرفي الصلاة؛ فلم يصح من غير نية كالتكبير، أو لأن السلام في وضعه مناقض للصلاة؛ فإنه [من] خطاب الآدميين، ولو جرى في أثناء الصلاة قصداً، لأبطلها؛ فإذا لم تقترن به نية تصرفه إلى قصد التحليل وقع مناقضاً؛ فأفسد، وبهذا خالف الصوم؛ فإنه ينقضي بانقضاء زمانه، والحج؛ فإن ما يقع به التحلل فيه ليس من قبيل المفسدات.
وهذا ما يحكي عن نصه فيه "البويطي"؛ ولأجله ادعى الماوردي أنه الظاهر من مذهب الشافعي، وغيره قال: إنه المذهب.
وقيل: لايجب ذلك؛ لأن النية السابقة نسحبة على جميع الصلاة، وهذا قول أبي حفص بن الوكيل، وأبي الحسين بن القطان، وهو الصحيح عند القفال، والقاضي الحسين، والبغوي، والروياني، وقال القاضي في موضع آخر: إنه المذهب، والإمام قال: إنه الذي ذهب إليه الأكثرون، وهو اختيار المتأخرين. وهؤلاء اختلفوا:
فمنهم من لم ينسب للشافعي في المسألة نصاً، ونسب الأول إلى صاحب "التلخيص".