يكون الوتر هو التهجد" بالواو؛ لأن القاضي الروياني حكى أن بعضهم قال: بأن الوتر غير التهجد، وأول كلام الشافعي؛ فجعل كلام غيره سبباً لإعلام كلامه، مع أنه [هو] حكاه؛ فكان إعلامه لأجل كلامه أولى.
واعلم أن الأصحاب أطلقوا القول بأن ركعتي الفجر أفضل من الوتر، أو الوتر أفضل منهما، ولم يبينوا ما أرادوا من الوتر: هل أقله، أو أكثره، أو أدنى الكمال منه؟ والذي يظهر من كلامهم أنهم أرادوا مقابلة الجنس [بالجنس]، وقد كان يقع لي أنه يختص بأدنى الكمال منه؛ لأنهم جعلوا علة ترجيح الوتر على ركعتي الفجر أنه مما اختلف في وجوبه، والذي اختلف في وجوبه ليس الأقل، ولا الأكمل؛ فإن أبا حنيفة هو القائل بوجوبه، وهو عنده ثلاث ركعات لا تجوز الزيادة عليها، ولا النقص منها:[فتعين أن يكون ذلك] محل الاختلاف في الترجيح.
ثم وقع لي أنه لو كان الأمر كذلك، لاختص محله بالثلاثة الموصولة؛ كما صار إليه أبو حنيفة، وهو لا يختص؛ فظهر من ذلك أن المراد مقابلة الجنس بالجنس، ولا يبعد أن يجعل الشرع العدد القليل أفضل من العدد الكثير، مع اتحاد النوع؛ دليله القصر في السفر؛ فمع اختلافه أولى، والله اعلم.
قال: والسنة أن يواظب -[أي: يداوم]- على السنن الراتبة مع الفرائض.
قد تقدم أن السنة إذا أطلقت تناولت ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يواظب عليه، وفي ذلك كفاية عن ذكر دليل آخر، وسيأتي تفاصيل ذلك، ولا فرق في ذلك- عندنا- بين المقيم، والمسافر، قصر، أو أتم.
قال: وهي ركعتا الفجر؛ لما تقدم.
قال الأصحاب: ومن السنة تخفيفهما؛ لما روي عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتي الفجر، فيخفف فيهما، حتى أقول:[هل]