وقد أفهم كلام الشيخ أن من لا تهجد له في رمضان ولا غيره، المستحب له تعجيل الوتر، وهو الظاهر؛ عملاً بقوله عليه السلام، [وقد سئل: أي الأعمال أفضل؟ -قال:"الصلاة لميقاتها"].
وقد حكى المتولي في أن الأفضل تعجيل الوتر في أول الليل أو تأخيره؟ فيه وجهان، [ويشهد للتأخير ما أخرجه مسلم من رواية [ابن] عمر وابن عباس: أنهما سعا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "الوتر ركعة من آخر الليل".
وقال الشيخ أبو حامد: إن وقت الاختيار له أول الليل، وفي آخر وتقه قولان؛ كما في قوت الاختيار لصلاة العشاء، حكاهما البندنيجي وأبو الطيب.
قال: ومن فاته من هذه السنن الراتبة شيء، قضاء في أصح القولين.
الإشارة بقوله: هذه السنن، يحتل أن تكون إلى ما قدم ذكره من حين قال:"والسنة أن يواظب على السنن الراتبة ... " إلى هنا، وأما ما تقدم على ذلك فلم يدخل في كلامه؛ ألا ترى أنه تعرض في "باب صلاة العيد" إلى قضائها، وقال في باب "صلاة الكسوف": إنها لا تقضي، وفي باب "صلاة الاستسقاء": إنهم إذا سقوا قبل الصلاة صلوا شكرا، أي: ولا يكون قضاء؟!
وهو في ذلك موافق للأصحاب؛ فإنهم متفقون على أن صلاة الكسوف والاستسقاء لا تقضين ولو قلنا: إن الإشارة تعود إلى ما ذكره من أول الباب إلى هنا -لاقتضى طرد الخلاف فيها، ويحتمل أن يعود إلى ما ذكره من أول الباب، وصلاة الكسوف والاستسقاء تخرج بقوله:"الراتبة"؛ فإنها ليستا براتبتين، وإنما تفعلان بسبب حادث غير مستقر، وعلى هذا يكون قد كرر حكاية الخلاف في قضاء صلاة العيد في باب صلاة العيد؛ لأجل ما سنذكره من الزيادة في التفريع.