وقال-عليه السلام-: "يعقد الشيطان على قافية أحدكم، إذا هو نام ثلاث عقد يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد. فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة؛ فأصبح نشيطاً طيب النفس، وألا أصبح خبيث النفس كسلان" أخرجه البخاري.
قال: والنصف الأخير [من الليل] أفضل من النصف الأول، أي: من أراد أن يقوم نصف الليل فقط، فالنصف الأخير في حقه أفضل من الأول؛ لقوله تعالى:{كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}[آل عمران: ١٧] وقال- عز من قائل-: {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}[الذاريات: ١٨] فحث على الاستغفار [في الأسحار]، وقال تعالى:{نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ}[القمر: ٣٤] والسحر في النصف الأخير؛ فهو شامل لمحل الرحمة والمغفرة والتنجية.
قال: والثلث الأوسط، أي: لمن أراد قيام ثلث الليل فقط، أفضل من الأول والأخير؛ قال الشافعي: لأن الغفلة فيه أكثر، والعبادة فيه أثقل، وقد قال -عليه السلام-: "ذاكر الله في الغافلين كشجرة خضراء [بين أشجار] يابسة".
فإن قيل: قد روى مسلم، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل ربنا-تبارك وتعالى- كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير،