سنذكره من أن السجود في المفصل من عزائم السجود، وإذا كان كذلك فقد ثبت أنه سنة، وليس بواجب.
فإن قيل: قد ذم الله-تعالى-من قرئ عليه آية السجود فلم يسجد؛ فقال:{وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ}[الانشقاق: ٢١] وذلك يدل على وجوب السجود.
قيل: الآية واردة في حق الجاحدين لشريعته؛ يدل عليه ما قبل الآية وما بعدها: أما ما قبلها فقوله: {فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}[الانشقاق: ٢٠]، وأما ما بعدها فقوله:{بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ}[الانشقاق: ٢٢].
أما من قرأ حيث لا تندب له القراءة: كالمصلي يقرأ في ركوعه، أو سجوده، أو نحو ذلك-فلا يستحب له السجود؛ فإن سجد بطلت صلاته، وهذا بخلاف ما لو قرأ آية السجدة قبل الفاتحة فإنه يسجد؛ لأن القيام محل القراءة في الجملة، بخلاف الركوع، وكذا مناستمع؛ حيث لا يندب له الاستماع، وهو إذا كان منفرداً، أو مأموماً والقارئ غير إمامه، فلا يسجد؛ لأن الاستماع لقراءة غيره، أو غير إمامه مكروه؛ فكيف تترتب عليه قربة؟!
وحكى الإمام عن أبي حنيفة: أن المنفرد والإمام [إذا استمع لقراءة غيره سجد كما إذا] استمع خارج الصلاة، ثم قال: وفي بعض طرقنا ما يشير إلى ذلك، وهو بعيد جداً، وعلى المشهرو لو خالف وسجد عند سجود ذلك القارئ، قال البغوي: بطلت صلاته؛ لأن سببها لم يوجد في صلاته، وهو الذي أورده الرافعي.
وقول الشيخ:"وإن زاد في صلاته ركوعاً ... " إلى آخره، يدل عليه.
وفي "الذخائر" حكاية وجه آخر، نسبه إلى القاضي الحسين: أنها لا تبطل؛ لأنها زيادة من جنس الصلاة، وهذا التعليل يقتضي العكس؛ لأن الزيادة من جنس الصلاة-مع العمد-مبطلة.
دليله: ما زاد ركوعاً، ولو حصل سماع الإنسان القراءة من غير قصد الاستماع،