وقد حكى عن ابن سريج وأبي إسحاق أنهما عداهما من عزائم السجود؛ لظاهر الخبر الأول، ولا حجة فيه؛ لأنه يجوز سجودها شكراً؛ كما نطق به الخبر الثاني.
وعلى هذا قال:"فإن قرأها في الصلاة لم يسجد"؛ كما لا يسجد للشكر والنعمة في الصلاة، وهذا ما صححه الفوراني، وحكاه القاضي أبو الطيب عن أكثر الأصحاب.
وقيل: يسجد شكراً؛ لأنها متعلقة بالتلاوة؛ فأشبهت عزائم السجود، وهذه الطريقة حكاها هكذا ابن الصباغ والفوراني والمتولي.
وعلى هذين الوجهين يتخرج البطلان عند سجوده عمداً عالماً بأنها ليست من العزائم؛ فإن قلنا: لا يسجد، بطلت، وألا فلا.
أما إذا قلنا بقول ابن سريج فله السجود، ولا تبطل صلاته وجهاً واحداً.
وقال القفال والماوردي والروياني: إنه لا يسجد فيها قولاًواحداً، وإذا سجد هل تبطل صلاته أم لا؟ فيه وجهان، أصحهما في "الحاوي"؛ عدم البطلان، وادعى الروياني أن ظاهر المذهب مقابله، وهو الأصح في "الرافعي"، وعلى هذا إذا كان إمامه يعتقدها من عزائم السجود، وسجد-لا يتابعه؛ بل ينتظره حتى يرفع أو يفارقه، وإذا انتظره قائماً فهل يسجد للسهو؟ فيه وجهان في "التتمة".
وقد أفهم قول الشيخ:"لم يسجد، وقيل: يسجد" أمرين:
أحدهما: أن ما عداها من السجدات إذا قرأها في الصلاة سجد، وهو كذلك، ومنه يؤخذ أن قراءتها في الصلاة غير مكروهة، سرية كانت أو جهرية، للإمام أو المنفرد، وهو مذهبنا، خلافاً لمالك في الإمام.
وحجتنا [عليه]: ما روى البخاري "أنه-عليه السلام-كان يقرأ [في] يوم الجمعة في صلاة الفجر "الم تنزيل ... " السجدة، و"هل أتى".
والثاني: أن السجود المستحب يكون عقيب التلاوة، ومنه يؤخذ فرعان:
أحدهما: أنه لو كان محدثاً حال التلاوة، أو غير محدث، فلم يسجد حتى