وقد حكى الإمام عن صاحب "التقريب" شيئاً واستغربه؛ فإنه قال الإمام: والمنفرد إذا سمع قارئاً يسجد فلا يسجد، وإذا سلم ففي القضاء ما ذكرناه.
قال الإمام: وفيه نظر؛ فإن الظاهر أن ما جرى لم يكن مقتضياً للسجود، وإذا لم يجر ما يقتضي السجود أداء فالقضاء بعيد، ولكن صاحب "التقريب" يرى ذلك مقتضياً، ويرى الصلاة مانعة من الأداء، وينزل ذلك منزلة ما لو استمع الرجل وهو محدث؛ فإذا تطهر فإنه في القضاء يخرج عند الأصحاب على الترتيب المتقدم.
الثاني: أنه لو كرر قراءة الآية في مجلس واحد مراراً سجد؛ لتجدد السبب، وهو ما ذكره القاضي الحسين والبغوي والمتولي.
وحكى الغزالي والفوراني في ذلك وجهين، واختار البغوي السجود.
قال الرافعي: وفيه وجه آخر: إن طال الفصل سجد، وإلا فلا يسجد.
قال في "العدة": وعليه الفتوى؛ فالركعة الواحدة كالمجلس الواحد، والركعتان كالمجلسين.
ولو قرأ الآية في الصلاة، ثم قرأها خارجها، والمجلس واحد-قال الرافعي: فمقتضى قياس الأصحاب طرد الخلاف.
فرع: لوكان قد قرأ آية التلاوة في الصلاة؛ فهوى ليسجد، فلما بلغ حد الراكعين عن له ألا يسجد-قال القاضي الحسين: عليه أن يعود إلى القيام، ثم يركع؛ لأن هويه كان لأجل النفل، والركوع فرض.
ولو قرأ آية السجدة، ووقع له ألا يسجد، ويركع، فلما هوى عن له أن يسجد للتلاوة، فإن كان قد انتهى إلى حد الراكعين-فليس له ذلك، وإلا فهو له.
قال: ومن تجددت عنده نعمة ظاهرة، أي: كقدوم غائب، وحدوث ولد، وشفاء مريض، ونحو ذلك، أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة، أي: مثل: أن نجاه الله مما غلب على ظنه وقوعه فيه، وهو مما يؤذيه: كالهدم، والغرق، ونحو ذلك-استحب له أن يسجد؛ شكراً لله-تعالى-أي: في غير الصلاة؛ لما روى