قلت: لأن ما ورد في "سنن" أبي داود وإن أمكن الاستدلال بعمومه على هذه المسألة أيضاً؛ فآخر الخبر يدل على أن المراد:[الصورة] الأولى، وصيغة الخبر المشار إليه:"إذا شك أحدكم في صلاته فَلْيُلْقِ الشك، وليبن على اليقين، وإذا استيقن التمام سجد سجدتين: فإن كانت صلات تامة كانت الركعة نافلة، والسجدتان، وإن كانت ناقصةً كانت الركعة تماماً لصلاته، وكانت السجدتان مُرْغِمَتَ الشيطان".
فإن قيل: ما وجه دعواكم: أن هذه المسألة والتي قبلها خرجت عن القاعدة التي ذكرتموها؟ ولأي معنى خرجت؟
قلنا: أما وجه خروج ذلك عن القاعدة؛ فلأنه [على تقدير أن يكون] لم يأت بما شك فيه؛ فإذا أتى به لا خلل حتى يجبر، وعلى تقدير أن يكون قد أتى به فإعادته تؤثر خللاصفي الصلاة؛ فيحتاج إلى الجبر، فإذا شك في الفعل، وأتى به فإعادته تؤثر خللاً في الصلاة؛ يحتاج إلى الجبر، فإذا شك في الفعل، وأتى به فقد شك: هل ارتكب ما يقتضي السجود أم لا؟ والأصل عدمه. وأما كونه يسجد فقد قال الشيخ أبو محمد وطائفة من الأصحاب-[كما قال الإمام-: إنه] لا وجه له إلا [الخبر] الذي أسلفناه؛ ولهذا قال في "الوجيز": إنه يسجد خبراً؛ أي: لأجل الخبر، وهذا صوابه، وقد تصحف الخاء فيه بالجيم. وليس بصحيح.
وعلىهذا: لو زال الشك قبل السلام، وانكشف الحال على أن الذي [أتى] به [جابراً] زائد-سجد للسهو؛ لتحقق الزيادة، وإن بان أنه [غير] زائد فلا، قال: لأن [الظاهر من] الخبر أن الشك دام إلى السلام، وهذا القول وتفريعه مال إليه الإمام والغزالي في "الوجيز".