أما إذا قرأ في موضع القراءة] وهو القيام؛ فمفهوم كلام الشيخ أنه لا يسجد، وهو كذلك.
أما إذا قرأ الفاتحة والسورة فظاهر، وكذا إذا قرأ الفاتحة وحدها، وإن قرأها مرة بعد مرة: فإن كان عامداً، وقلنا: إن تكرارها يبطل-فلا سجود، وإن قلنا: إنه لا يبطل- فقد استوى عمد ذلك وسهوه.
ومفهوم كلام الشيخ أنه لا يسجد، وهو موافق لما حكاه القاضي الحسين في نظير المسألة، وهي: إذا شك المأموم بعد سلام إمامه هل ترك التشهد أم لا؟ قرأه، ولا سجود عليه؛ لأن أقصى ما فيه أنه كرر قراءة التشهدنوتكرير قراءة التشهد لا يقتضي سجود السهو. [فقوله:"وتكرير قراءة التشهد لا يقتضي سجود السهو"، هو] ما أراده من النظر؛ إذ تكرار الفاتحة كتكرار التشهد، كما قررناه؛ لأن كلاً منهما ركن قولي، والله أعلم.
وقد وفاق الشيخ في هذه العبارة البندنيجي؛ فإنه هكذا قال؛ فظاهرها يقتضي أموراً:
أحدها: أنه لا فرق في الكلام ناسياً بين القليل والكثير، وهو جار على ظاهره؛ إذا قلنا بأن الكلام الكثير ناسياً لا يبطل الصلاة، دون ما إذا قلنا: إنه يبطل؛ فإنه يختص بالكلام القليل؛ إذ لا سجود مع البطلان.
وحكم الفعل والأكل ناسياً كحكم الكلام، وقد ذكرناه.
وضابط هذا النوع أن يقال: كل ما اختص عمده ببطلان الصلاة، ولا يخرج منها بسهوه؛ فسجود السهو مشروع لجبره.
وقولنا:"اختص عمده ببطلان الصلاة" احترزنا به عن الردة؛ فإنها تبطل سائر العبادات كلها؛ فلو ارتد ناسياً للصلاة لم شرع له سجود السهو.
وقولنا:"ولا يخرج منها بسهوه" احترزا به عن الأكل والفعل، والكلام الكير ناسياً؛ إذا قلنا: إنه مبطل، وكذا عن الحدث على وجه السهو؛ فإنه يبطل الصلاة، ولا سجود مع البطلان.