قال الرافعي: ولمن ذهب إلى الوجه الآخر أن يقول: إن كان معنى الموالاة ألا يتخلل فصل طويل بين أركان الصلاة بما ليس منها؛ فلا يلزم من تطويل الأركان فوت الموالاة، وألا فلا نسلم اشتراط الموالاة بمعنى آخر، ثم الركن الطويل القيام، والركوع والسجود والقعود [للتشهد]، والرفع من الركوع حيث لا يشرع قنوت، وليست الصلاة صلاة التسبيح-ركن قصير، فأما ما شرع يه القنوت والتسبيح فإنه مطول، وقد صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واستدل الأصحاب لقصره عند فقد ذلك بأنه لم يسن فيه تكرار الذكر المشروع فيه، بخلاف التسبيح في الركوع والسجود، قالوا: فكانه ليس مقصوداً لنفسه وإن كان فرضاً؛ وإنما المقصود منه: الفصل بين الركوع والسجود، ولوكان مقصوداً لنفسه لشرع فيه ذكر واجب؛ لأن القيام هيئة معتادة؛ فلابد من ذكر يصرفه عن العادة إلى العبادة؛ كالقيام قبل الركوع، والجلوس في آخر الصلاة: لما كان كل واحد منهما هيئة تشترك فيها العبادة والعادة، وجب فيهما شيء من الذكر.
فإن قيل: لو كان الغرض الفصل لما وجبت الطمأنينة فيه.
قيل: إنما وجبت؛ ليكون على سكينة وثبات؛ فإن تناهي الحركات في السرعة يخل بشرية الخشوع والتعظيم، ويحرم الأبهة.
والرفع [من السجود] هل هو ركن قصير أو طويل؟ فيه وجهان:
الذي عليه الجمهور -كما قال الإمام-: الثاني، وهو اختيار ابن سريج، ويهشد له رواية أبي داود، عن البراء:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان سجوده وركوعه وقعوده وما بين السجدتين قريباً من السواء" وأخرجه البخاير ومسلم.
وقال أبو عليّ: إنه قصير؛ لأن المقصود الظاهر منه الفصل بين السجدتين؛ فشابه الرفع من الركوع.