للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المأموم؛ جبراً للخلل الواقع في صلاته؛ بسبب ارتباطها بصلاة الإمام.

وقال المزني، والبويطي، وأبو حفص بن الوكيل، وطائفة من الأصحاب-كما قال الغزالي-: إنه لا يسجد، قال الإمام: وهو منقاس.

وقد احتج المزني له بأنه لم يسه، وإنما سها أمام، وسجوده معه كان للمتابعة؛ فإذا لم يسجد التابع فالمتبوع أولى، قال الأصحاب: وهذه العلة تبطل بمن سمع قارئاً يقرأ السجدة، ولم يسجد القارئ؛ فإن السامع يسجد، وليس هو التالس، والسجود يسقط عن التالي بتركه إياه. وهذا فيه نظر؛ لأن من الأصحاب من يقول: إن التالي لا يسجد أيضاً-كما تقدم-فيجوز أن يكون الخصم قائلاً به.

واحتج أبو حفص وغيره بأن المأموم يلزمه متابعة الإمام في ترك النفل، وهذا نفل.

قال الأصحاب: وهذا لا يصح؛ لأن بسلام الإمام انقطعت القدوة؛ فلا تلزمه المتابعة بعده؛ ولهذا له أن يطيل الدعاء ما شاء، ولو سها المأموم في هذه الحالة لم يتحمل الإمام سهوه، وعلى هذا: لو ترك الإمام سجدة من سجدتي السهو سجد المأموم الثانية؛ حملاً على أنه نسي.

وهذا كله إذا بان الإمام متطهراً، وهو موافق للمأموم في أن سجود السهو متوجه؛ فلو بان أن الإمام محدث لم يسجد المأموم، وفيه نظر؛ فإن الصلاة خلف المحدث جماعة.

ولو كان الإمام يعتقد أن لا سجود عليه، والمأموم يعتقد توجه السجود عليه، أو بالعكس: فهل يسجد، والتفريع على المذهب المشهور؟ فيه وجهان ينبنيان على أن النظر إلى اتقاد الإمام أو إلى اعتقاد المأموم؟ وعلى هذا الأصل تنبني صحة صلاة الشافعي خلف الحنفي، وبالعكس، كما ستعرفه في باب صفة الأئمة، والله أعلم.

قال: وإن سبقه الإمام بركعة؛ سجد معه- أي: لسهو حصل بعد اقتدائه به أو قبله- أعاد في آخر صلاته في قوله الجديد؛ لأن الخلل قد تطرق إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>