للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهما هاتان" أخرجه البخاري ومسلم بمعناه، ولما قضاهما عليه السلام بعد العصر داوم عليهما، وهل يجوز مثل ذلك لواحد منا حتى إذا قضى فائتة في الوقت المكروه يصلي مثلها في ذلك الوقت من غير سبب؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم؛ اقتداء به.

والثاني: لا. قال البغوي: وهو الأصح؛ لأن ذلك ليس بسبب، وأما النبي صلى الله عليه وسلم فكان التزم أنه إذا فعل شيئاً داوم عليه، وغيره ما التزم ذلك.

وصلاة الكسوف ملحقة بصلاة الجنازة، بل هي أولى؛ فإنها معرضة للفوات.

والصلاة المنذورة ملحقة بسجود التلاوة؛ وكذا تحية المسجد؛ لأنه منشأ السبب في الكل؛ فلا يكره، اللهم إلا أن يكون دخوله؛ لأجل الصلاة، فإن في الكراهة في حقه وجهين حكاهما العراقيون والقاضي الحسين، وجزم الإمام بعدم الكراهة، وقاسه على ما إذا قصد تأخير قضاء الفائتة إلى ذلك الوقت؛ فإنه لا يكره، وهذا فيه نظر؛ لأن المتولي قال: إن الصلوات التي لها أسباب إنما لا يكره إقامتها في هذه الأوقات إذا اتفقت فيها؛ فلو قصد تأخيرها؛ ليفعلها في هذه الأوقات كره.

ومنهم من حكى الوجهين على الإطلاق عند الدخول، وبه يحصل في المسألة ثلاثة أوجه، ثالثها: إن دخل ليصلي التحية لا غير، كره، وإلا فلا.

والمنع المطلق منها منسوب في "تلخيص" الروياني إلى البصريين من أصحابنا، والصيدلاني نسبه إلى أبي عبد الله الزبيري من أصحابنا، موجهاً له بأن التحية ليست مقصودة في نفسها؛ فإن قضاء الفائتة يقوم مقامها.

والوجهان جاريان فيما إذا توضأ في هذه الأوقات ليصلي ركعتي شكر.

وقد أفهم كلام الشيخ أن ركعتي الإحرام في هذه الأوقات مكروهة؛ لأنه لما حكم بكراهة الصلاة فيها، ثم قال: "ولا يكره فيها [ما] لها سبب؛ كصلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>