المذهب في أنه إذا سبقه بالركوع، وأدركه الإمام فيه، ثم رفع قبله، وأدركه الإمام رافعاً، ثم سجد قبله، وأدركه الإمام فيه، وهكذا إلى آخر الصلاة- لم تبطل صلاته؛ صرح به القاضي الحسين وغيره، وأما على رأي الشيخ أبي محمد، فتبطل بمجرد الركوع قبله؛ كما تقدم، والله أعلم.
قال: ومن حضر، وقد أقيمت الصلاة؛ لم يشتغل [عنها] بنافلة، أي: تحيةً كانت أو غير تحية؛ لقوله عليه السلام:"إذا أقيمت الصلاة، فلا صلاة إلا المكتوبة" أخرجه مسلم.
ولا فرق في ذلك بين أن يمكنه مع صلاة النافلة إدراك أول الصلاة، أو لا؛ لظاهر الخبر.
قال: وإن أقيمت وهو في النافلة، راتبة كانت كركعتي الفجر، أو غير راتبة كتحية المسجد، ولم يخش فوات الجماعة-[أتمها]؛ لقوله تعالى:{وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}[محمد: ٣٣]، ولأنه يمكنه إحراز الفضيلتين؛ فلا يفوت إحداهما.
أما لو خشي فوتها، اقتصر على ما أمكن منها؛ ليدرك فضيلة الجماعة؛ فإنها صفة فرض، وفرض على رأي، فكانت أولى من النفل.
ولو أقيمت وهو في الفرض، فقد ذكرناه في أثناء الباب.
وما ذكره الشيخ في الصورتين هو ما حكاه البندنيجي عن نصه في "الأم"، وظاهره: أنه متى أقيمت، وأمكنه أن يدرك تكبيرة قبل سلام الإمام أنه يتم النافلة، وبه صرح الجيلي؛ بناءً على مذهب العراقيين في إدراك الفضيلة بذلك.
وقال مجيلي:[الذي] ينبغي أن يقال: يراعى فوات أول الصلاة بمساوقة [تكبيرته] تكبيرة الإمام؛ فليقطع الآن، وإن رأينا إدراك أول الصلاة بما وراء ذلك- على اختلاف الأقوال- فيجوز له التأخير؛ للاشتغال بالنفل إلى ذلك الحد. ويحتمل أن يقال: يجوز له ذلك ما لم يَخَفْ فوات الركوع؛ إذ به تفوت الركعة الأولى.
قلت: وهذا هو الوجه، ويعضده ما ذكرناه من نص الشافعي أنها إذا أقيمت وهو في الفرض منفرداً، يقطعه، ويقلبه [نفلاً]، والله أعلم.