والقديم: أن المقدم ذو النسب، [ثم ذو الهجرة، ثم ذو السن، وهو الذي صححه أبو إسحاق المروري، والشيخ في "المهذب" وجماعة من الأصحاب؛ كما قال الرافعي؛ مستدلاً بما ذكرناه من الخبرين، وبأن قولي الشافعي متفقان؛ على تقديم النسب] على الهجرة، والهجرة مقدمة على الن في الحديث الذي رواه أبو مسعود [قبله]؛ فيلزم تقديم النسب؛ لأن المقدم على المقدم مقدم، والقائلون بالجديد قالوا: الأخبار واردة بتقديم الأسن؛ فكان العمل بها أولى من العمل بما سواها؛ لأوجه:
أحدها؛ [أن] ما ورد في تقديم الأسن يدل على الحكم بخصوصه، وما ورد في النسب يدل عليه بعمومه؛ لتناوله الإمامة الكبرى والصغرى؛ [فيحتمل قصره على الكبرى، وهو الظاهر.
والثاني: أن اعتبار الن أظهر فى]، مقصود الصلاة؛ لأن سرها الخشوع، والأكبر أخشع غالباً.
والثالث: أن السن فضيلة في الذات، والنسب خارج.
قلت: ويجوز أن يستأنس في ذلك أيضاً بما روي أنه اجتمع على باب عمر بن الخطاب أبو سفيان بن حرب، وسهيل بن عمرو، وسلمان الفارسي، وبلال، وصهيب، وجماعة من وجوه العرب؛ فأذن لسلمان، وبلال، وصهيب؛ فتغير وجه أبي سفيان؛ فقال له سهيل بن عمرو: يا أبا سفيان، إن هؤلاء قوم دعوا ودعيت، فأجابوا، وتأخرت؛ ولئن حسدتهم اليوم على باب عمر؛ لأنت غدا أشد حسداً لهم على باب الجنة.
وأما كونه - عليه السلام - قدم الهجرة على الأسن، فلا ينافي ما ذكرناه؛ لأن المهاجرين في زمنه كانوا من قريش؛ فوجد في حقهم فضيلتان؛ فقدموا على من لم توجد فيهم إلا فضيلة واحدة؛ وهى: السن؛ وبهذا يحصل الجواب أيضاً عما ذكره البغوي من تقديم الذي أسلم وهاجر على السن والشرف؛ لأجل الخبر؛ فإنه إذا كان الغالب في المهاجرين أنهم من قريش؛ فقد اجتمع فيهم