يكون حكم الصلاة خلفها كالصلاة خلف من لم يجد ماء ولا تراباً، وقد سبق، ويرشد إلى ذلك تصوير الرافعي محل الخلاف في المستحاضة بالمعتادة، وقد رأيت النواوي في "الروضة" صرح به في كتاب الحيض؛ فقال: لا تجوز صلاة المتحيرة خلف مثلها على الصحيح.
قال: ولا تجوز صلاة قارئ خلف أمي، ولا أخرس، ولا أرت، ولا ألثغ في أحد القولين.
هذا الفصل ينظم أربع مسائل مشتركة في الحكم والتعليل:
فالأولى - وهى الأصل وما بعدها كالفرع لها-: صلاة القارئ، والمراد به هاهنا: من يحفظ الفاتحة، خلف الأمى، والمراد [به] هنا: من لا يحفظ الفاتحة، وإن كان حقيقة فيمن لا يكتب، قارئاً كان أو غير قارئ، سمى بذلك؛ لأنه على الهيئة التي ولدته أمه. وقد قال الشيخ: في صحتها قولان:
أحدهما: أنه لا يجوز؛ لقوله عليه السلام؛ "يؤم القوم أقرؤهم" فلا يجوز مخالفته؛ بجعل الأقرأ مأموماً، ولأن الإمام بصدد أن يتحمل عن المأموم القراءة لو أدركه راكعاً، والأمي لا يصلح للتحمل.
والقول الثاني: سكت عنه الشيخ هنا، والمتبادر إلى الفهم منه الجواز مطلقاً، وبه صرح هكذا في "المهذب".
ووجهه: القياس على جواز اقتداء القادر على القيام بالقاعد والمومئ بالركوع والسجود، وإن تورعنا في ذلك، قلنا: اقتداء القائم بالقاعد هو آخر الأمرين من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجب اتباعه، ونأخذ جواز اقتداء القائم والقاعد بالمومئ بالقياس.
وهذا القول قد اختاره المزني، وابن المنذر، والقاضي أبو الطيب، كما رأيته في "تعليقه"، وادعى الغزالي أنه قول قديم، وهو في ذلك متبع لإمامه، [والقاضي الحسين]؛ فإنه قال هكذا في باب صلاة الإمام قاعداً.
وغيرهم ذكر عوض هذا القول: أنه لا تصح صلاته خلفه في الجهرية، وتصح