حالين؛ فحيث قال: لا تصح؛ أراد: إذا كان يقدر على إصلاح لسانه، وحيث قال: تجوز، [أراد]: إذا كان لا يقدر على ذلك. [وهذه الطريقة لم أرها كذلك، بل الإمام جعل محل الخلاف إذا كان لا يقدر على ذلك،] وبه صرح في التهذيب أيضاً، قال: ويلتحق بذلك ما إذا كان يقدر، لكنه لم يمض عليه بعد إسلامه زمان إمكان التعلم؛ فإن مضى، ولم يتعلم، لم يصح الاقتداء به؛ فإن صلاته مفتقرة إلى الإعادة.
وظاهر كلام الشيخ والأصحاب: أن محل الأقوال مع علم المأموم بحال الإمام، أما إذا لم يعلم فسيأتي حكمه.
وقال في "الحاوي": إن علم ذلك، لم تصح صلاته قولاً واحداً، ولا يختلف مذهب الشافعي في ذلك، وإن لم يعلم، فعلى الأقوال.
والذي دل عليه كلام الأصحاب الأول؛ فإنهم قالوا: إذا اقتدى القارئ بمن لا يعرف أنه قارئ أو أمي؛ هل يجب عليه البحث عن حاله، أو لا؟ وهل يعيد الصلاة، أو لا؟ ينظر:
فإن كانت الصلاة سرية، فلا [يجب عليه البحث] عن حاله؛ كما لا يجب عليه البحث عن طهارة الإمام، ولا يجب عليه إعادة الصلاة [إذا استمر اللبث]؛ لأن الظاهر من حاله أنه يحسن القراءة، وأنه تطهر.
وإن كانت جهرية، قال الإمام: فالذي ذهب إليه أئمتنا: أنه يجب البحث عن حاله؛ فإن أسر - والصلاة جهرية - يخيل أنه لو كان يحسنها، لجهر بها؛ فإن صلى خلفه من غير بحث؛ لم تصح صلاته.
قال الإمام: ومن أصحابنا من قال: لا يجب البحث في هذه الصورة أيضاً؛ فإن الجهر الذي تركه هيئة من هيئات الصلاة؛ فلا أثر له، وللإسرار محتمل آخر سوى جهل القراءة، وهو أنه نسي أن الصلاة جهرية؛ فأسر بها، وعلى هذا يكون الحكم كما لو كانت سرية.