للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا جمعت بين النقلين جاءك في المسألة ثلاثة أقوال؛ أصحها: وجوب الإعادة مطلقاً.

وقد أفهمك كلام الإمام أنه لا يجوز أن يقتدي بالمقتدي مع العلم بالحال، وبه صرح الأصحاب، وفرعوا على ذلك فروعاً:

منها: أنه إذا دخل المسجد، فوجد صفًّا طويلاً؛ فنوى الداخل الاقتداء بالإمام منهم، ولم يعرفه- لا تصح صلاته؛ لعدم التمييز.

قال القاضي الحسين: وهذا بخلاف ما إذا كان شخص في المحراب؛ فنوى الاقتداء به، ولم يعرفه تصح القدوة؛ للتمييز بينه وبين غيره.

ومنها: لو التبس على الواقفين الحال؛ فاعتقد كل واحد منهم أنه المأموم، بطلت صلاتهم، ومن طريق الأولى: إذا أحرموا في الابتداء كل منهم بنية أنه مأموم، وهذا بخلاف ما لو اعتقد كل واحد منهم أنه إمام، صحت صلاة الجميع؛ لأن كل واحد [منهم] لم يربط صلاته بصلاة غيره، ولو اعتقد أحدهما أنه مأموم، وشك الآخر أنه إمام [أو مأموم - بطلت صلاتهما ولو انعكس الحال؛ فاعتقد أحدهما أنه إمام، وشك الآخر في أنه مأموم]، أو إمام - صحت صلاة من لم يثك، وبطلت صلاة الشاك.

[وهذا] كله تفريع على ما حكاه العراقيون من أن مجرد الشك في النية يبطل الصلاة، وآما على طريقة المراوزة المفصلة بين أن يمضي مع الشك ركن لا يزاد مثله في الصلاة، أو لا؛ فقياسها أن يأتي ذلك هنا، وبه صرح القاضي الحسين؛ فقال فيما إذا شكَّا معاً: إن تذكرا قبل أن يحدثا شيئاً من أفعال الصلاة، وقرب الزمان -[صحت صلاتهما جميعاً، وإن طال الزمان]، ولم يفعلا شيئاً؛ فعلى وجهين.

وإن لم يذكرا إلا بعد ما فعل أحدهما فعلاً مع الشك، وتابعه الآخر، ثم تبين أنه تابع الإمام - فعلى وجهين؛ [بناء] على من اتبع الإمام في الأفعال من غير نية.

<<  <  ج: ص:  >  >>