وقال في "الجامع": إذا توجه الإمام إلى الكعبة؛ فائتم به قوم على ظهر الكعبة - أجزأتهم صلاتهم، ومعلوم أن من على ظهر الكعبة أقرب إليها من الإمام.
واختلف الأصحاب فى ذلك:
فقال أبو إسحاق: هذا من الشافعي جواب على أحد القولين في أن التقدم لا يضر، وإلا فالقولان فيهم أيضاً.
وقال الجمهور:[إنه] لا يضر هذا قولاً واحداً؛ فإن اختلاف الجهة أعظم من الاختلاف في القرب والبعد؛ فإذا لم تمتنع القدوة مع الاختلاف في الجهة، والموقف على هيئة التقابل؛ فلا معنى وراء ذلك في النظر إلى القرب والبعد؛ كذا قاله الإمام.
وغيره [فرق بين ما نحن فيه، والتقدم في الجهة من وجهين:
أحدهما: أنه غير موصوف بالتقدم؛ بخلاف غيرهم].
والثاني:[أنهم يمكنهم مشاهدة أفعاله والاهتداء به، وغيرهم] إذا تقدم إمامه لم يقدر على اتباعه، ولا على فعل الصلاة بفعله.
وقال ابن الصباغ: إن الشافعي أشار إلى فرق في كتاب الإمامة: أن القرب [من الكعبة] لا يكاد ينضبط ويشق مراعاته؛ بخلاف غيرهم؛ فإنه لا يشق مراعاتهم أن يكونوا خلفه.
الثالث: أنه لا تبطل صلاة الإمام بتقدم المأموم، رجلاً كان المأموم، أو امرأة، وبه صرح الأصحاب، وما ورد من أنه عليه السلام قال:"لا يقطع صلاة المرء إلا ثلاث: الكلب الأسود، والأتان، والحائض"، قال القاضي الحسين: إنه منسوخ؛ لحديث عائشة؛ فإنه روي عنها:"أنه لما بلغها هذا الخبر قالت: بئس ما عدلتمونا بالكلاب! كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا معترضة بين يديه كاعتراض الجنازة؛ فكان إذا سجد غمز رجلي؛ فقبضتهما؛ فإذا قام، مددتهما".
قال: وإن صلت المرأة بنسوة، قامت وسط الصف؛ لما روى الشافعي بسنده