ووجه الدلالة منها على المدعى هنا – وإن كان الشافعي لا يقول بالعمل بها-: أنه عليه السلام وقف، ومن صلى معه في موضع لم يصل إليهم أذى أعدائهم، وأبعد أذاهم رمي السهام، وغاية سهام العرب في الغالب ما ذكرناه.
قال ابن الصباغ: والتوجيه الأول أشبه.
وقال الإمام: وكنت أود لو قال قائل من أئمة المذهب: يرعى في التواصل مسافة يبلغ فيها صوت الإمام المقتدى لو رفع صوته قاصداً تبليغاً على الحد المعهود [فيه].
[تنبيه:] كلام الشيخ على ما قررناه يقتضي أموراً:
أحدها: أنه إذا زاد ما بينهما على ثلاثمائة ذراع شيئاً، لا يجوز الاقتداء، وللأصحاب خلاف في أن الذراع المذكور هل هو تحديد حتى [تقدح الزيادة عليه، ولو بذراع واحد عليه في الاقتداء، أو تقريب حتى لا] يقدح في ذلك نيابة ثلاثة أذرع فما دونها؟ والذي نص عليه في "الأم" - كما قال البندنيجي، والروياني -[الثانى]، ونسبه القاضي أبو الطيب إلى صاحب "الإيضاح"، وهو الأصح باتفاق الأصحاب.
وقال الماوردي: إن من قال بأنه تحديد، فقد غلط.
وباب الإمام: كيف يطمع الفقيه في التحديد، ونحن في إثبات التقريب على كلالة؟!
وقد نسب هذا الوجه إلى أبي إسحاق المروزي، وادعى في "تلخيصه" أنه ظاهر المذهب، وكلام ابن الصباغ يقتضي ترجيحه؛ فإنه قال: إذا كان لابد من تقدير، لم يكن بد من حد فاصل، وإن شاركه غيره في معناه؛ كمدة البلوغ، والسفر بما دون مرحلتين.
وقول المزني: إنه اختار العرف في "الإملاء"؛ فلا توقيف.