للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرجة؛ فعلى الوجهين في أن الاعتبار في ابتداء الذرع من المسجد، أو بالواقف فيه. فإن قلنا: الاعتبار بالمسجد، صحت القدوة؛ لوجود الاتصال؛ وإلا فلا.

وإن كان الذي على السطح متباعداً عن طرف السطح؛ فلا يصح الاقتداء على ظاهر المذهب.

وذهب أبو علي الطبري في "إفصاحه" إلى أنه إن كان بين من في الدار، وبين الصف الذي في المسجد مقدار ثلاثمائة ذراع فما دونها، ولا حائل يمنعه من مشاهدة الصف - يجوز؛ كما لو كان الإمام والمأموم واقفين في الصحراء. وكذا حكاه عنه المتولى فيما إذا صلى فى علو الدار، وبينه وبين المسجد فرجة، سواء كان السطح بحيث يحاذي شيء من بدن الواقف فيه شيئاً من بدن الواقف فى المسجد، أو لا.

وأوَّل أبو علي قول الشافعي: "إلا أن تتصل الصفوف" على ألا يكون بين كل صفين أكثر من ثلاثمائة ذراع؛ لأن هذا عنده حد الاتصال؛ وهذا ما اختاره العراقيون، وقال القاضي [أبو الطيب] وغيره منهم: إن أبا إسحاق أخطأ؛ لأن الدار، وإن لم تكن لمرافق الناس، فقد ثبتت لمرافق نفسه، والصلاة فيها من جملة مرافقه.

وقد رأيت في "تعليق" أبي الطيب أن أبا علي في "الإفصاح" حكى وجهين فيما إذا صلى في داره بصلاة الإمام في المسجد، وهو يشاهده، وبينهما طريق، أصحهما: الصحة، وأن أبا علي قال: والآخر لا أعرف له وجهاً.

فرع: إذا قلنا بظاهر النص، واتصلت الصفوف إلى الصحن، [كان حكم من في الصحن [مع] من وراءه، عن يمينه ويساره وأمامه، حكم الإمام لو كان واقفاً في الصحن]، واقتدى به من هو في الصحن أيضاً، ووقف عن يمينه، أو يساره، أو من خلفه، أو أمامه حتى يعتبر فيمن خلفه ألا يزيد على ثلاثمائة ذراع، وكذا من عن يمينه وعن يساره، وفيمن أمامه القولان في صحة صلاته؛ كما أشار إليه الماوردي والمتولي رحمهما الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>