ثم محل الخلاف إذا كان قادزاً على الأمرين معاً؛ فلو لم يقدر إلا على أحدهما - تعين؛ لأنه الممكن؛ قاله المتولي وغيره.
قال: ويومئ- أي: برأسه - الركوع والسجود- أي: إذا عجز عن السجود بجبهته على الأرض- ويكون سجوده أخفض من ركوعه؛ لما روى البيهقي بسنده، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد مريضاً، فرآه يصلي على وسادة؛ فأخذها، فرمى بها، فأخذ عوداً يصلي عليه؛ فأخذه فرمى به، وقال:"صل على الأرض إن استطعت، وإلا فأومئ إيماء، واجعل سجودك أخفض من ركوعك".
وفي رواية:"إن أطقت أن تصلي على الأرض فافعل، وإلا .. " وساق الحديث.
والإيماء: الإشارة، وهو مهموز.
وقد اعترض بعضهم علي الشيخ؛ فقال: قوله: ويكون سجوده أخفض من الركوع، ليس على إطلاقه، بل يجب عليه أن يخفض رأسه في سجوده نهاية ما يمكنه؛ لأنه أقرب إلى الواجب الأصلي.
وجوابه: أنه اتبع فيه النبي صلى الله عليه وسلم فإن هكذا لفظ الخبر؛ كما تقدم.
ومن حيث المعنى: أن المراد: أن يجعل إيماءه للركوع فوق إيمائه للسجود، وذلك لا ينافي كونه يخفض رأسه في السجود إلى نهاية ما يقدر عليه.
ثم هذا في "الرافعي" و"النهاية" مخصوص بما إذا كان يقدر على زيادة على أفضل الركوع، وللإمام فيه احتمال. أما إذا كان لا يقدر إلا على حد الركوع- إما على وجه الكمال، أو على وجه الأقل والإجراء- فقد سبق ما يمكن منه أخد الحكم فيه.
وقد أفهم كلام الشيخ أن العجز عن القعود السجوز للاضطجاع، مثل العجز عن القيام المجوز للقعود، وقد سبق بيانه.
قال الرافعي: وكذلك إطلاق الجمهور يقتضي التسوية بين العجزين.
واعتبر الإمام هنا أن يلحقه بسبب القعود كلفة فوق الكلفة التي تجوز له ترك القيام إلى القعود.