قال: إذا سافر في غير معصية سفراً يبلغ مسيرة ثمانية وأربعين ميلاً بالهاشمى، فله أن يصلي الظهر والعصر والعشاء ركعتين [ركعتين]؛ للآية، مع ما ذكرناه من الأخبار؛ فإن الآية، وخبر يعلى [بن أمية] يقتضي جواز قصر الصلاة عند الضرب فى الأرض، وهذا السفر، خائفاً كان المسافر أو آمناً، واجباً كان أو مندوباً أو مباحاً، وأيد ذلك فعله - عليه السلام-[فإن غدوه في أسفاره] كان طاعة، وعوده إلى المدينة مباحاً، وقد قصر في الجمبع، ومن معه أيضاً قصروا في ذلك، وهو حجة على من ادعى أن القمر لا يسوغ في السفر [المباح].
والمسافة التي ذكرناها يصدق عليها اسم السفر فشملها الحكم، وخير ابن مسعود، وابن عمر يدل على أن القصر ركعتان في الرباعية؛ فثبت ما ذكرناه.
والسفر: قطع المسافة، وجمعه: أسفار، سمي بذلك؛ لأنه يسفر عن أخلاق الرجال، أي: يكشفها.
وقيل: إنه مشتق من "الإسفار"، وهو الخروج.
وفي "الوسيط": أن حد السفر الانتقال مع ربط [القصد بمقصد] معلوم؛ فالهائم وراكب التعاسيف [لا يترخص وإن مشى ألف فرسخ.
وما ذكره إذا أراد أنه حد لمطلق الفر فليس الأمر كذلك؛ لأن الهائم، وراكب التعاسيف يسمى: مسافراً، وإن لم يربط قصده بمقصد. وإن أراد حد السفر الذي يجوز [فيه] القصر، وهو الأقرب- فصحيح، وحيتئذٍ فعلى كلامه مناقشة من وجهين: