للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلام الشيخ يفهم أنه لا فرق في جواز القصر في السفر [الذي] ليس بمعصية بين أن يوجد [فيه] معصية، أو لا؛ إذ المستثنى سفر المعصية، لا السفر الذي تقع فيه المعصية، وهو كذلك؛ لأن المعصية لم تكن في السبب المرخص.

نعم: لو نوى في أثناء السفر الذي يقصر في مثله قلبه إلى سفر هو معصية، مثل: أن خرج قاصداً التجارة، فعن له إتمامه لقطع الطريق ونحوه، فهل يمتنع عليه إذ ذاك القصر، أو يستدام نظراً إلى ابتداء قصده؟ قال الماوردي: لا نص للشافعي - رضي الله عنه -[فيها، ولأصحابنا] فيها وجهان، حكاهما البندنيجي والفوراني والبغوي وغيرهم:

أحدهما - وهو قول الداركي وغيره-: لا يجوز له القصر؛ [كالمنشئ السفر لذلك]، وهذا ما ادعى البندنيجي أنه الأصح؛ وتبعه الروياني في "تلخيصه" في ذلك.

والثاني: أنه يجوز [له] القصر؛ لأن الذي جلب له هذه الرخصة إحداث السفر، بإحداثه لم يكن معصية؛ وهذا قول عامة الأصحاب، والأصح في "الإبانة".

وادعى الإمام - رضي الله عنه - أن الأول من تخريج ابن سريج؛ لأنه لو ترخص، لكان متبلغاً إلى معاصيه بالرخصة. قال: وهذا من اختياراته، وهو ظاهر القياس، وإن كان الأول ظاهر النص.

ولو انعكس الحال؛ فكان [ابتداء سفره] بقصد المعصية، ثم تاب [فى أثنائه؛ مثل: أن خرج في قطع الطريق، ونحوه، ثم تاب] واستمر على قصد قطع المسافة التي قصدها أولاً - فعن الشيخ أبي محمد أن ذلك بمنزلة [طرآن] قصد المعصية على سفر الطاعة، أي: في النظر إلى ابتداء القصد، أو إلى ما طرأ عليه، وحينئذ قال الإمام: فالذي يقتضيه قياس النص أن الحكم للقصد الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>