[وروي] عن عائشة- رضي الله عنها- أنها قالت:"فرض الله [الصلاة] على [لسان] نبيكم صلى الله عليه وسلم بمكة ركعتين ركعتين إلا [صلاة] المغرب، [فلما هاجر إلى المدينة واتخذها دار هجرة زاد إلى كل ركعتين ركعتين إلا صلاة] الغداة؛ لطول القراءة فيها، وإلا صلاة الجمعة؛ للخطبة، وإلا صلاة المغرب؛ فإنها وتر النهار، افترضها الله على عباده؛ فلما سافر صلى الصلاة التي كان افترضها عليه".
ولأن الصبح لو قصرت لم تكن شفعاً، والمغرب لا يمكن قصرها إلى شطرها، ولا أن تكمل الثانية؛ فلا تكون وتراً، ولا الاقتصار على ركعة منها [فيسقط] أكثر من شطرها؛ فتخرج عن باقي الصلوات.
[وقد أفهم قوله:"فله أن يصلي الظهر والعصر والعشاء ركعتين ركعتين": أنه لا يجب القصر]، وهو عندنا كذلك بلا خلاف؛ لقوله تعالى:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلاةِ}[النساء: ١٠١]؛ [فدل] على جواز تركه؛ لأنه لا يستعمل رفع الجناح إلا في المباح دون الواجب؛ كذا قاله الرافعي؛ واستشهد بقوله تعالى: [{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ}[البقرة: ١٩٨]، وقوله:{لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ}[البقرة: ٢٣٦]، وقوله:{وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ}[البقرة: ٢٣٥]، وقوله:] {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَاكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً}[النور: ٦١]، وقوله:{فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}[البقرة: ١٥٨] من ذلك أيضاً؛ لأن الآية نزلت على سبب، وهو أن الجاهلية كان لها على الصفا صنم يقال له: إساف، وعلى المروة صنم يقال له: نائلة،