للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: ما ذكرناه من فعله- عليه السلام- وقوله لعائشة يرد على ذلك.

[و] لأن القصر لو كان عزيمة، لما وجب الإتمام إذا اقتدى المسافر بالمقيم؛ كما لا يلزمه إذا صلى الصبح خلف من يصلي الظهر، أن يكمل الصلاة أربعاً، كذا قاله الشافعي في "الأم"، وعليه يحمل ما ذكره في "المختصر".

وقول عائشة السابق يحتمل أن يكون مرادها به أن الذي يخاطب به المسافر إذا أراد القصر الركعتان؛ فإنه لو اقتصر عليهما، كانتا فرضه.

قال: إذا فارق بنيان البلد؛ لأن بوصوله إلى بنيان البلد يقع انتهاء سفره إجماعاً منا ومن الخصم؛ فوجب أن يقع ابتداؤه من طريق الأولى؛ لأنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء.

ثم المراد ببنيان البلد الذي يشترط مفارقته: السور إن كان البلد مسوراً، وإن لم يكن مسوراً فما يمكن سكنه منه من الجهة التي يريد المسافر مجاوزتها، أما ما لا يمكن سكنه – لسقوطه جدرانه – فلا يشترط مجاوزته؛ صرح به البندنيجي وابن الصباغ وغيرهما من العراقيين.

وقد أبدى الغزالي تردداً في اشتراط مفارقة الخراب الذي بقيت [آثار العمارة فيه].

والمذكور منه في "تعليق" القاضي الحسين أنه لابد من مجاوزته، وهو ما حكاه الإمام عن شيخه، وقال: الذي أشعر به فحوى كلام الصيدلاني وكلام [بعض] المصنفين مقابله، وهو: أن مجاوزة العمران كاف، والخراب لا حكم له.

قال: وظاهر النص دال على ذلك؛ لأنه قال: فلا يقصر حتى يفارق المنزل. [و] اسم [المنازل] يختص بالعامر الذي يمكن أن يسكن.

وهذا يظهر تعليله بأن المسافر هو النازل من مكان الإقامة، والخراب ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>