فإن كانت البساتين خارج السور، فلا يشترط مجاوزتها، وصرح به أبو الطيب وغيره؛ موجهين ذلك بأن حيطان البلد جعلت لحراسة ثمارها دون السكنى.
وقضية هذه العلة: أنه لو كان بها منازل تصلح للسكنى: أنه يشترط مفارقتها؛ كما ذكرناه في البلد الذي ليس بمسور، ولم أر أحداً من الأصحاب قال به، وهكذا نصه؛ فإنه إذا كان بجوار السور من خارج دور يمكن الإقامة فيها يشترط أن يجاوزها، وهذا صرح به المتولي؛ حيث قال: من سافر من بلد عليها سور؛ فلابد أن يخرج من السور، وإن كان على بابها نهر فيعبر النهر.
وإن كان حولها رياض ومنازل متفرقة، فحتى يفارقها، ونسب الرافعي ذلك لبعض تعاليق المَرْوَرُّوذيين.
قلت: ويجري هذا في الصورة قبلها من طريق الأولى، والذي [دل] عليه كلام الغزالي، وكثير من الأئمة- كما قال الرافعي-: أنه لا يشترط مفارقة ذلك.
ثم اعلم أنا حيث لم نشترط مجاوزة البساتين الخارجة عن البلد، فالمزارع بذلك أولى.
وفي "التتمة" حكاية وجه عن القاضي: أنه يشترط مجاوزة البساتين والمزارع التي حول البلد المضافة إليها؛ لأن العادة أن يتردد [أهل البلد إلى هذه] البقاع على زيهم وهيئتهم؛ فيعتبر الحصول في موضع يقصد بغير الزي والهيئة عند قصد الخروج إليه؛ حتى يجعل مخالفاً للمقيمين.
الرابع: أنه لا يشترط مفارقة المقابر المتصلة بالبلد، وهو الذي يقتضيه إطلاق الجمهور.