وهذا ما نص عليه في كتاب "الإمامة"، كما قال أبو الطيب، ولفظه في "المختصر": وأكره ترك القصر رغبة عن السنة. واعترض ابن داود عليه؛ فقال: الرغبة عن السنة كفر. وأجيب بجوابين:
أحدهما: أن لفظ الشافعي في "الأم": والقصر سنة، [و] أكره تركه. وإنما المزني [غير العبارة].
والثاني: على [تقدير صحة] ما قاله المزني: أنه أراد به من تركه في حال الأمن؛ عدولاً عن العمل بخبر الواحد، والأخذ بظاهر القرآن في اشتراط الخوف، وأراد به من تركه رغبة عن الرخصة الثابتة بالسنة، وأخذاً بما ثبت عنده بالتواتر والإجماع؛ فإن من اعتقد ذلك [لا] يكفر.
وقد حكي عن الشافعي قول آخر، نقله المزني في "جامعة الكبير" واختاره، [وكذا كثير من الأصحاب اختاروه] أيضاً، [كما قاله] الماوردي: أن الإتمام [أفضل؛ لأن القصر رخصة من رخص السفر، فإذا تركها وعدل إلى الأصل كان أفضل، أصله المسح على الخفين، وفطر رمضان إذا كان لا يجهده الصوم؛ ولأن الإتمام] أكثر عملاً، وما كان أكثر عملاً كان أكثر أجراً.
قال ابن الصباغ: وهذا القول أخذ من قوله في باب الإمامة: ويؤجر المسافرون على الجماعة، وإتمامهم الصلاة، وأراد: إذا قدموا مقيماً صلى بهم. وهذا منه يدل على أن الإتمام أفضل. وقد حكيت ذلك عن غيره في باب صفة الأئمة.
وقد حصل في المسألة قولان، والصحيح- عند الجمهور- الأول، وعن الصيدلاني القطع به.
والمسح على الخف موافق لما صرنا إليه في القصر؛ فإن غسل الرجل متفق على إجزائه، والمسح [في المعنى] مختلف فيه؛ فكان غسل الرجل أولى.
والفرق بين القصر والفطر في رمضان: أن في الفطر تغريراً بالعبادة؛ فإنه لا يدري