وأجاب أصحابنا عن ذلك: بأنه يحتمل أن يكون قوله: "ولا مطر"، راجعاً إلى أن المطر انقطع في الصلاة الثانية، أو لم يكن واقعاً عليهن بأن كان قد صلى في المسجد، والسقف يحول بينه وبينه، ويحتمل: أن يكون أراد بالجمع: التأخير، بأن صلى الأولى في آخر وقتها، والثانية في أول وقتها، وهذا التأويل إنما يستقيم على أن وقت المغرب يمتد إلى غيبوبة الشفق، وحديث جبريل- عليه السلام- وإن كان دالاً على ذلك أيضاً، لكن بعد العهد به، وتجدد قوم لم يبلغهم، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين لمن عرف ذلك أن حكمه باق، ولمن لم يعرفه أن هذا هو الحكم.
قال الأصحاب: فإن قيل: جوزتم ترك الجمعة والجماعة بالوحل، ولم تجوزوا الجمع بسببه.
قلنا: الفرق: أن تارك الجمعة يفعل الظهر بدلاً منها، وتارك الجماعة يصلي منفرداً في بيته، وأما الذي يجمع لأجل الوحل، فإنه يترك وقت الصلاة إلى غير بدل.
فروع نختم بها الباب:
الفرع الأول: قال في "البيان": إذا أراد جمع صلاة العصر إلى صلاة الجمعة في المطر، لا أعلم فيها نصّاً، والذي يقتضيه القياس: أنه يجوز بشرط وجود المطر عند الإحرام بالجمعة، وعند السلام منها، وعند الإحرام بالعصر، ولا يشترط وجوده في الخطبتين، وإن أراد أن يؤخر الجمعة إلى العصر على القول القديم جاز، ولا يشترط وجود المطر في وقت العصر على ما مضى، ويخطب وقت [العصر] ويصلي الجمعة؛ لأن كل وقت جاز فعل الظهر فيه، جاز فعل صلاة الجمعة فيه، كآخر وقت الظهر. وهذا القول ضعيف، وكذا ما يتفرع عليه.
وقد حكى الرافعي جواز جمع العصر إلى الجمعة، وقال: إن قول صاحب