وقاموا، ثم تقدم الصف المؤخر، وتأخر الصف المقدم، ثم ركع النبي صلى الله عليه وسلم وركعنا جميعاً، ثم رفع رأسه من الركوع ورفعنا جميعاً، ثم انحدر بالسجود والصف الذي يليه الذي كان مؤخراً في الركعة الأولى، وقام الصف المؤخر في نحر العدو، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم السجود والصف الذي يليه- انحدر الصف المؤخر بالسجود، فسجدوا، ثم سلم النبي صلى الله عليه وسلم وسلمنا جميعاً"، قال جابر: كما يصنع حرسكم هؤلاء بأمرائهم.
ومراده بتقدم [الصف المؤخر، وتأخر الصف المقدم: أن الصف الذي يليه تأخر إلى مقام الآخرين]، وتقدم [الصف] الأخير إلى مقام الصف الأول، كما دل عليه بقية الخبر، وقد جاء هكذا مفسراً في رواية أبي داود، عن أبي عياش، وقد روى أبو داود، وغيره أنه – عليه السلام- صلاها كذلك يوم بني سليم.
وعسفان: قرية جامعة بها منبر، على ستة وثلاثين ميلاً من "مكة"، سميت "عسفان"؛ لعسف السيول فيها، كذا ذكره الشيخ زكي الدين في "حواشيه"، وهو مغاير لما ذكرناه عن الشافعي في الباب قبله.
فإن قلت: قد دل الحديث على انتقال الصف الثاني إلى موضع الصف الأول، والصف الأول إلى موضع الصف الثاني، فهل تقولون به؟
قلنا: نعم، وقد نص عليه الشافعي، كما ستعرفه؛ لأن هذا الفعل قليل، وقد ثبت بالسنة.
ثم ما ذكره الشيخ من الكيفية ها هنا قد ذكره في "المهذب" أيضاً، وهو اختيار الشيخ أبي حامد، وقال: إنه يجب أن يكون المذهب؛ لأن الشافعي قال: "إذا رأيتم قولي مخالفاً للسنة، فاطرحوا قولي في الحش" وقد صح الخبر، والذي نقله المزني عن الشافعي خلافه؛ فإنه قال: إذا كانت الصورة كما ذكرنا، صلى بهم جميعاً، وركع [بهم جميعاً]، وسجد بهم جميعاً، إلا صفاً يليه أو بعض صف ينظرون العدو- أي: إذا كان في بعض الصف كفاية في الحراسة- فإذا قاموا