للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعي في "الأم": "ولو توقى المحارب أن يلبس ديباجاً، أو قزّاً ظاهراً- كان أحب إلي، وإن لبسه؛ ليحصنه فلا بأس إن شاء الله".

والفرق على هذا بينه وبين المنسوج بالذهب: أن تحريم الحرير أخف؛ ولذلك جاز استعمال القليل منه في غير الحرب، ولا كذلك الذهب، ولأن المنسوج بالذهب ثقيل على المحارب، كثقل غيره من الحديد؛ فلا حاجة إليه مع وجود غيره، و [لا] كذلك الديباج الثخين؛ فإنه أخف من غيره من آلات الحرب: كالدرع، والجوشن، فكانت الحاجة إليه ماسة، وإن وجد غيره من آلات الحرب؛ لأن الخفة في المحارب مطلوبة، وحينئذ فيكون قول الشيخ: "الذي لا يقوم غيره مقامه في دفع السلاح" بياناً لما يجوز لبسه منه في حالة الحرب، لا أنه يجوز أن يلبس فيه أي ثوب حرير كان، ومن ذلك يظهر لك أنه لا يجوز له ليس ما أكثره إبريسم في الحرب؛ لأنه لا يقوم مقام الديباج الثخين في دفع السلاح، وعليه نص في "الأم" حيث [قال]: "إن القز إذا كان غالباً، كرهته في الحرب وغير الحرب، وإن كان القز خالصاً كان مباحاً في الحرب"، وفرق بينهما بأن قال: "الخالص يحصنه، وإذا لم يكن خالصاً لم يحصنه إحصان ثياب القز".

قال البندنيجي: هذا نصه، وما رأيت أحداً من أصحابنا نقله، وأعجب من الإمام الرافعي كيف حمل قول الغزالي في باب صلاة العيد: ["و] حيث حرمنا الحرير أبحناه؛ لحاجة القتال" على حالة مفاجأة الحرب، وعدم وجدان غيره، وقال: "إن ذلك إذن تكرار"؛ لأن الغزالي قال في صلاة الخوف ذلك، مع كونه حكى عن ابن كج أن ذلك جائز مع وجود غيره، وهو المذهب، كما ذكرناه، ومع ذلك لا يحسن أن يقال: إنه تكرار؛ لأنه يجوز أن يكون اختار في موضع ما قاله المزني، وفي آخر ما نص عليه في "الأم". والله أعلم.

قال: ويجوز شد السنّ بالذهب؛ للضرورة، ووجهه: أن ما عدا الذهب من الفضة وغيرها ينتن، بخلاف الذهب؛ فإنه لا ينتن، ويشهد لذلك ما روي "أن

<<  <  ج: ص:  >  >>