ولفظ الشافعي:"أن الظهر صلاة المعذورين، والجمعة صلاة من لا عذر له، فإذا اختار من له عذر أن يصلي صلاة من لا عذر له لم يمنع من ذلك، وسقط بها فرضه؛ ألا ترى أن المريض له أن يصلي صلاة الصحيح بتمام الأركان والأفعال؟! فكذا ها هنا".
ثم ظاهر لفظ التخيير يقتضي استواء الأمرين في الفعل والترك، وليس الأمر كذلك فيما نحن فيه، بل المستحب في حق العبد إذا أذن له السيد [في] الحضور، وسكت الأصحاب عما إذا لم يأذن له، والظاهر: أنه لا يجوز له ذلك إذا كان حضوره يفوت على سيده منفعة مقصودة لا تفوت عليه إذا صلى الظهر.
وإن [كان لا يفوت] حضوره ذلك فالظاهر أن فعل الجمعة أفضل- أيضاً- لأن له الصلاة في أوّل الوقت.
وقد حكى القاضي الحسين في باب كفارة يمين العبد بعد أن يعتق: أن السيد لا يجوز له منع عبده من الجماعة إذا لم [يكن له] معه شغل، ويقصد بمنعه تفويت الفضيلة عليه، وهذا دليل على ما ذكرناه.
و [ما] ذكره الماوردي في باب اختلاف نية الإمام والمأموم أنه لا يجوز للعبد أن [يؤم الناس] في الجمعة إلا بإذن سيده؛ لما فيها من تفويت خدمته- فيه أيضاً ما يشير إلى ما ذكرته، والله أعلم.
والمرأة لا يستوي في حقها الأمران، بل حضور الشابة مكروه، والعجوز مستحبٌّ، كما تقدم.
والمسافر الأفضل في حقه الجمعة، وكذا المريض- كما قاله البندنيجي- وإن تحمل المشقة.
وأما الذي لا يسمع النداء، فلم أقف فيه على نقل، والظاهر أن المستحب له حضورها، خصوصاً إذا كان في موضع داخل فيما حدَّ به بعض الأئمة المكان الذي يلزم الحضور منه.