فإنه قال: قال أصحابنا: كل شخص لا يجب عليه حضور الجمعة الأفضل أن يصلي بعد فراغ الإمام.
قلت: وللكلام مجال فيما أورده الإمام من وجهين:
أحدهما: أنه أطلق القول بأن التعجيل في حق النساء أولى، وقد تقدم أن العجوز يستحب لها حضور الجمعة، وفي استحباب التعجيل حث لها على منع الحضور.
وجوابه: أن الكلام فيها إذا عزمت على عدم الخروج.
الثاني: أنه قد تقدم أن المعذورين الأفضل في حقهم فعل الجمعة، وحينئذ فلا يظهر أن يكون رجاء زوال عذره علة في استحباب التأخير؛ إذ هو متمكن في الحال من حيازة ذلك الفضل؛ فإنه إذا فعلها وقعت فرضاً، اللهم إلا أن يقال: إن فوات [الإحرام] بصلاة الجمعة بعد زوال العذر أكثر منه مع بقاء العذر، وهذا يحتاج إلى توقيف.
نعم، هذا يصلح أن يكون علة في العبد إذا لم يأذن له سيده في الجمعة، وكان يرجو الإذن أو العتق، وفي المريض إذا كان لا يقدر على الحضور أصلاً ويرجو زوال مرضه، والله أعلم.
وقد تقدم هنا أن الشافعي استحب فعل الظهر للمعذورين في جماعة، وقال في "الأم": "وأحب لهم إخفاء جماعتهم؛ كي لا يتَّهموا بالرغبة عن صلاة الجماعة خلف الأئمة".
قال الأصحاب: وهذا يدل على أنه يستحب الإخفاء لمن كان عذره في تركها خفيّاً، فأما من كان عذره واضحاً جليّاً فلا يستحب له إخفاء الجماعة، مثل: أن يجتمع عبيد معروفون بالرق أو قافلة نزلت فيجمع فيها مسافرون؛ كذا قاله أبو الطيب وابن الصباغ.
وقال الماوردي: إنه يكره التظاهر بفعل الجماعة خوف التهمة؛ سواء كان ذعره ظاهراً كالسفر والرق، أو باطناً: كالمرض، والخوف.
وحكى الرافعي وجهاً: أنه لا يستحب فعلها في جماعة، وعليه يدل قول