وإن قلنا: فرضه الظهر، والجمعة بدل، صحت صلاته ظهراً.
والصحيح: أن الفرض الجمعة؛ لأن الأبدال على ضربين: بدل مرتب، وبدل مخير، فلو كانت الجمعة بدلاً من الظهر، لم يكن عاصياً بتركها إلى العصر، وهو عاصٍ بلا خلاف.
وهذا الخلاف جارٍ في المنفرد بلا خلاف، وهل يجري في أهل البلد إذا صلَّوا كلهم الظهر، وتركوا الجمعة؟ قال أبو إسحاق: لا، فيجزئهم ظهرهم وإن أثموا بترك الجمعة؛ لأن كل واحد منهم لا تنعقد به الجمعة؛ كذا حكاه عنه في "المهذب"، والقاضي أبو الطيب وغيره عند الكلام في انفضاض القوم [بعد الفراغ من الخطبة وقبل الصلاة].
والصحيح: أنه لا يجزئهم ظهرهم على الجديد؛ لأنهم صلوا وفرض الجمعة متوجه عليهم.
التفريع:
إن قلنا بالصحيح، فالأمر بحضور الجمعة قائم كما كان، فإن حضرها فذاك، وإن فاتت قضاها الآن بأربع.
والفوات في حق المنفرد بما تقدم، وفي حق أهل البلد يكون بخروج الوقت أو ضيقه بحيث لا يسع الخطبتين والصلاة.
وإن قلنا بالقديم- وهو الصحة- فهل يسقط الخطاب بالجمعة؟ الذي حكاه الإمام في صدر الفصل: السقوط؛ لأن مع الصحة يستحيل بقاء الخطاب بغيره في وقته.
قال: وهذا [منه] أمر غريب؛ فإنه بالإقدام على الظهر في حكم الساعي في ترك الجمعة، وذلك معصية؛ فكان ما جاء به طاعة من وجه [و] معصية من وجه، والاختلاف في صحته قريب من الاختلاف في صحة الصلاة المقامة في الوقت المكروه، والذي أورده الجمهور: عدم السقوط.
وعلى هذا: إذا لم يصل الجمعة حتى فاتت، اعتدَّ له بما صلاه أولاً عن فرضه. وإن صلى الجمعة، قال ابن الصباغ: احتسب الله له بأيهما شاء. وهذا ما حكاه