لا يسقط عنهم من القراءة شيء، ولا يثبت لهم حكم المسبوق؛ فإنهم لو أدركوه [في الركوع، فحكم ذلك حيث يصح سقوط القراءة، وهو من أحكام المسبوقين، وإذا أدركوه] في بعض القيام بحيث لا يتأتى منهم إتمام القراءة، فهذه صورة الاختلاف فيما يفعله المسبوق؛ فلا يجوز الانتهاء إلى هذا الحد في التأخير، وهذا ما صححه الغزالي، لكنه جعل ذلك تفريعاً على قولنا: إنهم إذا انفضوا عنه في أثناء الصلاة، يتمها ظهراً.
وعلى ذلك جرى الرافعي، وفيه نظر.
قال: فإن انفضوا عنها، أي: عن الصلاة، وبقي الإمام وحده- أتمها ظهراً؛ [لأن الجماعة شرط في وقوعها جمعة في الابتداء، فإذا فقدت في أثنائها أتمها ظهراً]؛ كالوقت إذا فات في أثنائها؛ وهذا ما نص عليه، ووراءه تخريجان للمزني:
أحدهما: أنه يتمها جمعة؛ لأنه ليس في قدرة الإمام ضبط القوم؛ فلم يعتبر اجتماعهم إلا عند العقد.
ولأن مراعاة ذلك عند العقد [ممكن، بخلاف الدوام، فشابه النية، لما أمكن اعتبارها عند العقد] دون الدوام، اعتبرت عند العقد فقط، وبهذا فارق الوقت؛ لأنّه يمكن أن يشرع فيها في وقت يعلم انقضاءها قبل زواله، وهذا خرجه من نصه الآتي من بعد فيما إذا بقي معه واحد؛ كذا أشار إليه ابن الصباغ، ومن نص الشافعي في القديم على أنه إذا أحدث الإمام، وانصرف، أتمها المأمومون جمعة؛ فإنه لا جمعة له إلا بهم، ولا جمعة لهم إلا به.
والثاني: أنهم إن انفضوا عنه، وقد صلى ركعة تامة بركوعها وسجدتيها- كما قال أبو الطيب وغيره- أتمها جمعة؛ كالمسبوق.
وقيل: إنه أخذه من قوله في القديم: "لو صلى بهم ركعة، ثم سبقه الحدث، وانصرف- لم يستخلف بهم، وأتموا لأنفسهم جمعة".