معاً- فالذي أورده ابن الصباغ وأبو الطيب: أن الحكم كما لو وقعتا معاً، وهذا يوافقه قول الماوردي: إن عليهم إعادة الجمعة قولاً واحداً. وهو ما حكاه الإمام عن الأصحاب حيث قال: الذي قطع به الأئمة تنزيل هذا منزلة ما لو وقعتا معاً؛ فلا جمعة لواحد، ثم قال: والجمعتان إذا وقعتا معاً أمرناهم بإعادة الجمعة عند اتساع الوقت، ويسقط بها الفرض. والقول بمثل هذا هنا فيه إشكال؛ فإنا نجوز أن إحدى الجمعتين تقدمت على الأخرى، وإذا كان كذلك فلا يصح عقد جمعة أخرى، وإذا فرض ذلك فلا تحصل البراءة يقيناً، والذي يقتضيه الاحتياط في ذلك أن يقيموا جمعة ثم يصلوا [من] عند آخرهم الظهر؛ فيخرجون عما لزمهم قطعاً، هذا حكم القياس في طلب اليقين في الخروج عما يلزم، لكن الذي ذكره الأئمة: أنهم إذا أقاموا الجمعة مرة أخرى- والصورة كما ذكرنا- كفتهم؛ كما لو وقعت الجمعتان معاً.
قلت: وهذا الذي ذكره الإمام من الاحتمال إنما يتم على قولنا بأ، الجمعة تقام عند تحقق سبق إحداهما، ولم تتميز عن الأخرى كما ادعى أنه الأظهر. أما إذا قلنا بأن الواجب إعادة الظهر- كما حكاه الربيع- فلا.
وقد ادّعى البندنيجي أن الحكم في هذه الصورة كما إذا وقعت إحداهما بعد الأخرى، ولم يعرف عين السابقة في جميع ما ذكرناه.
[وإن كان الإمام مع الثانية، ففيه قولان:
أحدهما: أن الجمعة جمعة الإمام؛ لأن في تصحيح خلاف جمعته إفضاءً إلى فتح باب الافتيات عليه؛ إذ لا يؤمن أن تقوم كل شرذمة وتعقد جمعة في طرف البلد تبطل عليه جمعته.
وعلى هذا: إذا كان الإمام مع إحدهما ووقعتا معاً، فالجمعة جمعة الإمام، والأخرى باطلة.
والثاني: أن الجمعة هي السابقة؛ لأن حضور الإمام وإذنه في عقدها ليس بشرط في صحتها على المذهب، كما في الحج.