وقيل: تجب القراءة فيهما كالتحميد، ولأن الخطبتين قامتا مقام الركعتين، وقد ثبت أن القراءة تجب في الركعتين؛ فكذلك في الخطبتين، وهذا الوجه مشهور في طريق العراقيين، وهو خلاف النص؛ كما قال الروياني في "شرح التلخيص".
والذي ادّعى البندنيجي وابن الصباغ أنه المنصوص: أن القراءة تجب في واحدة منهما، إما الأولى أو الثانية، وهو ما ادعى الإمام: أنه الظاهر.
وحكى الروياني عن بعض الأصحاب القطع به، وقد قال في "الحاوي": إنه نص عليه في "المبسوط"، فقال: ولو قرأ في الأولى، أو قرأ في الثانية دون الأولى، أو قرأ بين ظهراني ذلك مرة واحدة، أجزأه.
ولا خلاف [في] أن الأولى الإتيان بها في الأولى؛ لأن الذي نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في الخطبة الأولى حسب، فإن فاتته في الأولى، قرأها في الثانية، وقد حكاه البندنيجي عن نصه في "الأم"، واستحب الأصحاب له أن يقرأ سورة "ق" في الأولى؛ لأن بنت حارثة قالت: ما أخذت {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} إلا على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس. أخرجه مسلم.
فإن لم يقرأ ذلك، فيستحب أن يقرأ آية هي:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً}[الأحزاب: ٧٠] قاله البندنيجي.
وقد أطلق الأصحاب القول بالاكتفاء بآية.
وقال الغزالي: يحتمل ألا تجزئ إذا لم تكن مستقلة بالإفهام: كقوله: {ثُمَّ نَظَرَ}[المدثر: ٢١].
ولفظ الإمام في ذلك:"أنه لا شك في أنها لا تكفي إذا لم تستقل بالإفهام".