وسارَّها، ثم أصغى إليها كالمستمع، ثم قال لأصحابه:"هل سمعتم صوتها؟ " قالوا: نعم، قال:"إنَّها تأسف على مفارقتي، فخيَّرتها بين شيئين: بين أن أدعو الله تعالى حتَّى يجعلها شجرةً خضراء في الدُّنيا إلى يوم القيامة، أو تكون شجرةً من أشجار الجنَّة، فاختارت أن تكون من أشجار الجنَّة". فأمر النبي صلى الله عليه وسلم به حتى قطع، ودفن تحت المنبر.
وخطبته صلى الله عليه وسلم على الأرض قبل عمل المنبر تدل على أنها على المنبر سنة.
والمنبر- بكسر الميم-: مشتق من "النبر"، وهو الارتفاع.
وقد كان منبر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث درجٍ، غير الدرجة التي تسمى المستراح، وهي التي يجلس عليها، [و] كان يقف على الدرجة الثالثة التي تلي المستراح.
ثم إن أبا بكر كان يقف على الثانية دون موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرجة، ثم جاء عمر، فوقف على الدرجة الأولى دون موقف أبي بكر بدرجة، ثم جاء عثمان، فصعد على الثانية موقف أبي بكر، ثم جاء علي، فوقف على الثالثة موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إن مروان بن الحكم قلع المنبر في زمن معاوية، وزاد فيه ست درجٍ، [فصار] عدد درجه تسعاً، وكان الخلفاء يقفون على الدرجة السابعة، وهي أوّل مراتب الخلفاء الراشدين.
واستحب الشافعي للخطيب أن يقف على الدرجة التي تلي المستراح إن كان